:اغتراب الحياة الزوجية
كثرت الشكوى في ال اغتراب
الحياة الزوجيه وقت الحالي من وجود حالة غيوم وسحابة تغطي سماء الأسرة مما يحول دون وضوح الرؤية بين أفرادها فتتسع المسافات بين الزوجين وحتى الأولاد , وليس المقصود هنا الاتساع المكاني حيث يعيشون في بيت واحد , وإنما المقصود اتساع المسافات النفسية ووجود حالة من الاغتراب وفقدان الهوية .
هذه الغربة بين الزوجين تعني رفض كل طرف لحياته مع الأخر وانعزاله عن الواقع وتقوقعه حول ذاته وعدم رغبته في التفاعل مع باقي أفراد الأسرة , فنجد الزوج في عالم والزوجة في عالم آخر مختلف لا تجمعهما أهداف ولا أحلام مشتركة .
ويشعر شريك الحياة بأن هذه الحياة الأسرية لا تروق له , وأفكاره ومعتقداته لم يعد لها قيمة ولن تؤثر فيمن حوله .
هذه الغربة ظاهرة غريبة على الأسرة العربية المعروفة عنها الترابط بين أفرادها , فأهم ما كان يميز الأسرة الوحدة الجماعية , أما الآن فكثير من الأسر يعيش أفرادها تحت سقف واحد لكن الأب يسعى ليلا ونهارا من اجل جمع المال , والزوجة مشغولة عن أبنائها , والأبناء كل واحد منهم في طريق مختلف عن بقية الأشقاء .. حالة انفصال وتفكك .
إن هذه التعاسة الزوجية مظهر من مظاهر الاختلال في القيم الخاصة بالمجتمع .
إن الأسرة المعاصرة في أزمة تعكر صفوة الحياة وتقلب الحياة الزوجية من السعادة إلى الشقاء ومن الهدوء والاستقرار إلى القلق والتوتر والصراعات التي تؤدي في النهاية إلى فشل الحياة الزوجية والانفصال والطلاق , أو قد تستسلم الزوجة خوفا من أن تحمل لقب مطلقة ويضطهدها المجتمع ويتشرد أبناؤها , وتفضل الاستمرار في حياتها الزوجية مع زوج غريب عنها لا تشعر تجاهه بأي عاطفة أو مشاعر .
من الطبيعي أن توجد الخلافات في أي أسرة لكن يختلف التعامل معها إما بحكمة ووضوح وصراحة من الزوجين فتسير سفينة الحياة الزوجية هادئة وترسو على شاطئ الأمان , أو أن تكون العلاقة بين الزوجين خالية من التفاهم والتقارب النفسي فتتصاعد المشكلة الصغيرة وتكبر وتتحول إلى شرارة يمكن أن تنفجر في أي لحظة فتهدد البيت بالخطر .
ومن العوامل المسببة لفشل الحياة الزوجية , المشاكل المادية .. وقد يقول البعض أن مشكلة المادة يعاني منها غالبية الناس , هذه حقيقة لكن في بعض الأحيان تشكو الزوجة من بخل الزوج , وصفة البخل صفة ذميمة قد يتصف بها الغني أو الفقير لكنها في المحصلة وباء لا يمكن علاجه , والحياة مع زوج بخيل جحيم لا يطاق , ونذكر الزوج بالتحديد دون الزوجة على اعتبار انه المسؤول عن الإنفاق على الأسرة حتى لو كانت زوجته عاملة .
ويعدم عدم التوافق الجنسي من الأسباب القوية لفشل الحياة الزوجية , والمسؤولية هنا تقع على الشريكين الزوج والزوجة .
ومن الأسباب الأخرى لاستحالة الحياة الأسرية الهادئة تدخل الأهل في حياة الزوجين , أو دور أصدقاء السوء في إفساد هذه الحياة , وإذعان الزوج أو الزوجة لهم .. وكثيرا ما يكون الأصدقاء سببا في الطلاق ولكن هذا لا يقلل من أهمية وجود صداقة في حياة كل من الزوج والزوجة ووجود أصدقاء , فالمعيار هنا هو كيفية اختيار الصديق الصدوق الذي يقدم التضحية ويلعب دورا في نجاح الحياة الأسرية لصديقه .
والحديث عن الأصدقاء يدعونا لمناقشة أهمية وجود صداقة وصراحة بين الزوجين , فهذه الصراحة هي التي ستدعم الثقة بينهما وتخلق التفاهم والود والأمان , وهذه هي أسس الزواج السعيد .
وعلى النقيض من ذلك قد تصل الحياة الزوجية بين أي زوجين إلى نقطة اللاعودة ولا يجد الطرفان أمامهما من حل إلا الطلاق .. والطلاق مشكلة خطيرة تهدد أي مجتمع إذ تتصاعد معدلاته بشكل مخيف , وهذه ظاهرة لافته للنظر في المجتمعات العربية , وتعاني منها المجتمعات الغربية أيضا .