[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصره
بالإسكندرية الأميرال "سيمور" قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل
نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم بعد أن احتلوا الإسكندرية، وأرسل إلى أحمد عرابي
في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية،
ويأمره بالمثول لديه في قصر "رأس التين"؛ ليتلقى منه تعليماته.
مواجهة الخديوي ورفض قراراتهرفض عرابي الانصياع
للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي
بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل
نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها
للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17
من يوليو 1882م)، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على استمرار
الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون
الإسكندرية.
وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه،
وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر
في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز، وأرسل إلى يعقوب سامي يدعوه
إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.
وفي (6 من رمضان 1299
هـ = 22 من يوليو 1882م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من
الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك
الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار
الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.
وفي
الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن العدوي"،
و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد
مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي
ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف.
إلى المنفىأيدت الأمة عرابي وانضمت إلى جانبه،
وعدته مدافعًا عن كيان البلاد، غير أن الأحداث لم تكن في صالحه، ولم ينجح في إيقاف
زحف الإنجليز على البلاد بعد أن مُني بهزيمة كبيرة في التل الكبير في منتصف ليلة
(28 من شوال 1299هـ = 12 من سبتمبر 1882م)، وسلم نفسه بعد أن دخل الإنجليز القاهرة،
وحُكم عليه وعلى زملائه بالنفي إلى سرنديب (سيريلانكا حاليًا).