قام يختال كالمسيح وئيدا يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
|
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالط فل، يستقبل الصباح الجديدا
|
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
|
رافلاً في خلاخل، زغردت تم لأ من لحنها الفضاء البعيدا!
|
حالماً، كالكليم، كلّمه المج د، فشد الحبال يبغي الصعودا
|
وتسامى، كالروح، في ليلة القد ر، سلاماً، يشِعُّ في الكون عيدا
|
وامتطى مذبح البطولة مع راجاً، ووافى السماءَ يرجو المزيدا
|
وتعالى، مثل المؤذن، يتلو… كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
|
صرخة، ترجف العوالم منها ونداءٌ مضى يهز الوجودا:
|
((اشنقوني، فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا))
|
.
|
((وامتثل سافراً محياك جلا دي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا))
|
((واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا))
|
((أنا إن مت، فالجزائر تحيا، حرة، مستقلة، لن تبيدا))
|
قولةٌ ردَّد الزمان صداها قدُسِياً، فأحسنَ الترديدا
|
احفظوها، زكيةً كالمثاني وانقُلوها، للجيل، ذكراً مجيدا
|
وأقيموا، من شرعها صلواتٍ، طيباتٍ، ولقنوها الوليدا
|
زعموا قتلَه…وما صلبوه، ليس في الخالدين، عيسى الوحيدا!
|
لفَّه جبرئيلُ تحت جناحي ه إلى المنتهى، رضياً شهيدا
|
وسرى في فم الزمان "زَبَانا"… مثلاً، في فم الزمان شرودا
|
يا"زبانا"، أبلغ رفاقَك عنا في السماوات، قد حفِظنا العهودا
|
.
|
واروِ عن ثورة الجزائر، للأف لاك، والكائنات، ذكراً مجيدا
|
ثورةٌ، لم تك لبغي، وظلم في بلاد، ثارت تفُكُّ القيودا
|
ثورةٌ، تملأ العوالمَ رعباً وجهادٌ، يذرو الطغاةَ حصيدا
|
كم أتينا من الخوارق فيها وبهرنا، بالمعجزات الوجودا
|
واندفعنا مثلَ الكواسر نرتا دُ المنأيا، ونلتقي البارودا
|
من جبالٍ رهيبة، شامخات، قد رفعنا عن ذُراها البنودا
|
وشعاب، ممنَّعات براها مُبدعُ الكون، للوغى أُخدودا
|
وجيوشٍ، مضت، يد الله تُزْ جيها، وتَحمي لواءَها المعقودا
|
من كهولٍ، يقودها الموت للن صر، فتفتكُّ نصرها الموعودا
|
وشبابٍ، مثل النسورِ، تَرامى لا يبالي بروحه، أن يجودا
|
.
|
وشيوخٍ، محنَّكين، كرام مُلِّئت حكمةً ورأياً سديدا
|
وصبأيا مخدَّراتٍ تبارى كاللَّبوءات، تستفز الجنودا
|
شاركتْ في الجهاد آدمَ حوا هُ ومدّت معاصما وزنودا
|
أعملت في الجراح، أنملَها اللّ دنَ، وفي الحرب غُصنَها الأُملودا
|
فمضى الشعب، بالجماجم يبني أمةً حرة، وعزاً وطيدا
|
من دماءٍ، زكية، صبَّها الأح رارُ في مصْرَفِ البقاء رصيدا
|
ونظامٍ تخطُّه ((ثورة التح رير)) كالوحي، مستقيماً رشيدا
|
وإذا الشعب داهمته الرزايا، هبَّ مستصرخاً، وعاف الركودا
|
وإذا الشعب غازلته الأماني، هام في نيْلها، يدُكُّ السدودا
|
دولة الظلم للزوال، إذا ما أصبح الحرّ للطَّغامِ مَسودا!
|
.
|
ليس في الأرض سادة وعبيد كيف نرضى بأن نعيش عبيدا؟!
|
أمن العدل، صاحب الدار يشقى ودخيل بها، يعيش سعيدا؟!
|
أمن العدل، صاحبَ الدار يَعرى، وغريبٌ يحتلُّ قصراً مشيدا؟
|
ويجوعُ ابنها، فيعْدمُ قوتاً وينالُ الدخيل عيشاً رغيداً؟؟
|
ويبيح المستعمرون حماها ويظل ابنُها، طريداً شريدا؟؟
|
يا ضَلال المستضعَفين، إذا هم ألفوا الذل، واستطابوا القعودا!!
|
ليس في الأرض، بقعة لذليل لعنته السما، فعاش طريدا…
|
يا سماء، اصعَقي الجبانَ، ويا أر ض ابلعي، القانع، الخنوعَ، البليدا
|
يا فرنسا، كفى خداعا فإنّا يا فرنسا، لقد مللنا الوعودا
|
صرخ الشعب منذراً، فتصا مَمْتِ، وأبديت جَفوة وصدودا
|
.
|
سكت الناطقون، وانطلق الرش اش، يلقي إليكِ قولاً مفيدا:
|
((نحن ثرنا، فلات حين رجوعٍ أو ننالَ استقلالَنا المنشودا))
|
يا فرنسا امطري حديداً ونارا واملئي الأرض والسماء جنودا
|
واضرميها عرْض البلاد شعالي لَ، فتغدو لها الضعاف وقودا
|
واستشيطي على العروبة غيظاً واملئي الشرق والهلال وعيدا
|
سوف لا يعدَمُ الهلال صلاحَ الد ين، فاستصرِخي الصليب الحقودا
|
واحشُري في غياهب السجن شعبا سِيمَ خسفاً، فعاد شعباً عنيدا
|
واجعلي "بربروس" مثوى الضحايا إن في بربروس مجداً تليدا!!
|
واربِطي، في خياشم الفلك الدوَّ ار حبلاً، وأوثقي منه جيدا
|
عطلى سنة الاله كما عط لتِ من قبلُ "هوشمينَ"(1) المريدا…
|
.
|
إن من يُهمل الدروس، وينسى ضرباتِ الزمان، لن يستفيدا…
|
نسيَت درسَها فرنسا، فلقنَّا فرنسا بالحرب، درساً جديداً!
|
وجعلنا لجندها "دار لقمَا نَ"(2) قبوراً، ملءَ الثرى ولحودا!
|
يا "زبانا" ويا رفاق "زبانا" عشتمُ كالوجود، دهراً مديدا
|
كل من في البلاد أضحى "زبانا" وتمنى بأن يموت "شهيدا"!!
|
أنتم يا رفاقُ، قربانُ شعب كنتم البعثَ فيه والتجديدا!!
|
فاقبلوها ابتهالةً، صنع الرش اشُ أوزانهَا، فصارت قصيدا!!
|
واستريحوا، إلى جوارِ كريمٍ واطمئنوا، فإننا لن نحيدا!! |