كذلك أيضا كان لإقحام الإعجاز العلمي في أمر الغيبيات, من الإفراط الذي شغل الناس عن رؤية آيات الله في خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة، فصاروا يلهثون وراء فهم أحداث القيامة والجنة والنار من الناحية العلمية مع أنها من الغيبيات التي مهما تخيلناها فحقيقتها بخلاف ما تخيلنا، ووقعها على الأنفس بخلاف ما تحكى الألسن، ولذا لم تكن الغيبيات مما وعد الله بان يريه للعباد على سبيل المعجزات فقال تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53، فالله وعد بان يرينا آيات مرئيات خاضعة للدراسة في الأفاق والأنفس، أي في مقارنة العلم المكتشف في الكون المنظور بالعلم المسطور في القرآن والسنة.
من مظاهر التفريط وكرد فعل قوى في مقابلة الإفراط المُشاهد في قضايا الإعجاز العلمي, ظهر أصحاب القول بوجوب الابتعاد عن التفسير العلمي للقرآن الكريم، حتى أن بعضهم يعتبر ذلك بدعة، وذلك بزعم الحفاظ على القرآن والسنة من التأويلات الباطلة أو الاصطدام بنظريات علمية غير ثابتة، وأن القرآن كتاب هداية وإرشاد وليس بكتاب علم. وحتى لا نخرج عن الوسطية في النقاش فسوف نفترض أن هذا الرأي صدر من قلب غيور على القرآن والسنة, يخشى الخطأ في فهم النص الإسلامي، وهذا رأي ينبغي أن يوضع في الاعتبار فلا ينبغي أن يدخل ميدان الإعجاز العلمي للقرآن والسنة إلا العالم المؤهل، أما الجاهل الذي لم يصل إلى مستوى يؤهله إلى ذلك، فيجب أن يكف عما هو فيه من لهو التفكير في القرآن بالعقل دون النقل, ويعكف على مزيد من الدراسة ليصل إلى المستوى المطلوب.
وبالرغم من وجاهة رأى المعارضين للإعجاز العلمي، إلا أن المسألة ليست بهذه البساطة والسطحية، لأننا إذا تعمقنا في التفكير قليلا لوجدنا أن دعوة هؤلاء تخدم أعداء القرآن أكثر مما تخدم القرآن نفسه، لأن التطور العلمي الحديث أثبت للعالم وجود تعارض بين ما جاء في كتب السابقين (التوراة والإنجيل) وبين حقائق العلم المكتشفة حديثاً، ولكنه عجز عن ذلك أمام القرآن، مما جعل أهل الأديان القديمة يُناصبون الإعجاز العلمي للقرآن العداء. فماذا فعل أعداء الإسلام لإخفاء نور العلم في القرآن الكريم، ولصرف أنظار الناس في عصر العلم الحالي عن الأخطاء العلمية في كتبهم؟
لقد أوعز هؤلاء الأعداء للمفكرين المسلمين بدعوى ظاهرها البراءة وفي باطنها الخداع، أن القرآن كتاب مقدس ولا يجب أن تتطاول عليه علوم البشر التي تخطئ في كثير من الأحوال، ولكل مجاله، وبذلك ضربوا عصفورين بحجر واحد. وللأسف خُدع بعض المفكرين المسلمين بهذه الدعوى الخبيثة، وساروا وراءها، بل قاموا يدعون إليها, ظناً منهم أنهم يدافعون عن القرآن، وما علموا أنهم بذلك يخدمون أعداء القرآن. وإذا كان القرآن الكريم ليس بكتاب علوم بمفهوم تلك التفاصيل العلمية الدقيقة التي يتعلمها الطالب في المجامع العلمية، إلا أنه أكثر وأهم من ذلك، لأنه يحمل إشارات نورانية إلى منتهى الحقائق العلمية الدالة على سنن الله الكونية في خلقه، وذلك من خلال ما تحمله الآيات القرآنية من إشارات علمية دقيقة إذا أحسنا تدبرها والبحث فيها واستنباط أسرارها العظيمة. فالقرآن يحث الإنسان على النظر في الكون وتدبره، ولا يشل حركة العقل في تفكيره، أو يحول بينه وبين الاستزادة من العلوم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وليس ثمة دين من الأديان السابقة يكفل حق العقل في التدبر بمثل ما يكفله الإسلام. وينبغي هنا أن نشير إلى أن للعلم المادي مراحل في الوصول إلى حقائق الأمور, أولها الفرضية ثم التجريب وقد تكون الفرضية أصعب من التجريب لعدم القدرة على المشاهدة كما هو الحال في علم الروح، فيسقط التجريب ولا يصح إلا الخبر عن العليم الخبير، والتجارب قد تنجح أو لا تنجح، وأحيانا يتم تعديل الفرضيات ثم تتم دراسات جديدة ويظل العلم في نظريات حتى تتضافر الأدلة على ثبوت نظرية معينة تؤكدها كل الشواهد بدرجة لا تخضع للشك، عند هذه المرحلة نصل إلى المقابلة الصحيحة بين علوم القرآن والسنة وبين العلم المادي، فعلوم القرآن والسنة لا تمر في ذكرها للخبر العلمي بمراحل كما يمر بها العلم المادي ولكن علوم القرآن والسنة تذكر من العلم المادي الحقيقة المطلقة التي لا خلاف حولها بل إن وصف القرآن والسنة للعلم المادي يفوق وصف البشر لأنه من لدن العليم الخبير.
ومن ادعى أن كل المعارف العلمية ظنية فقد افترى فلابد لكل علم حقيقي من قواعد ثابتة يقوم عليها، اتفق على ثبوتها أهل التخصص وهناك أيضا أمور ظنية معلومة عند أهل التخصص هي محل بحث ونقاش، ولولا الحقائق لما قامت الحضارات فلا داعي لإضاعة الإعجاز العلمي بدعوى أن العلوم ظنية فهذا قول مجانب للصواب. فالقرآن والسنة يمثلان سقف متجدد لكل العلوم فكلما ارتقى العلم المادي خطوة في وصف العلوم اقترب من سقف القرآن والسنة حتى يصل العلم المادي في وقت من الأوقات إلى مقاربة سقف القرآن والسنة فتتجلى عندها آيات الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وحتى نصل إلى هذه الدرجة هناك مراحل عديدة من مقابلة العلوم الحديثة مع علوم القرآن والسنة وهذه يقوم بها مشكورين أغلب العاملين في مجال الإعجاز العلمي، وقد يخطأوا في بعض المراحل حتى يهدى الله من يشاء إلى الحق الذي لا لبث فيه ولا غموض، ولولا هذه المحاولات الجادة مع بعض الأخطاء البسيطة والغير متعمدة ما وصلنا يوما إلى أي أعجاز علمي ولا كشفنا عن الآيات التي قال عنها تعالى (سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)، وأنا هنا لا أشجع الخطأ كما قد يتوهم البعض ولكنني أشدد على الالتزام بمنهج البحث العلمي الذي أسسه علماء الشريعة مع علماء الإعجاز العلمي في كيفية مقابلة النص الشرعي بالعلوم المختلفة مع مراعاة الفرق بين ما هو إعجاز علمي وما هو تفسير علمي فليس كل تفسير علمي بإعجاز علمي، فالخطأ مع العالم اجتهاد له أجره, بعكس الخطأ مع الجاهل فقد يدخل صاحبه العذاب المهين لأنه قال على الله وعلى نبيه بغير علم.
فالإسلام كما انه دين هداية إلى صراط الله المستقيم إلا انه أيضا دين علم و معرفة، ويكفى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب الزيادة في القرآن إلا مرة واحدة, طلبها في العلم {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} 114 طه، والقرآن أبدا لن يكون كتاب إعجاز بلاغي وفقط أو كتاب تشريع وفقط ، أو كتاب عقيدة وفقط، أو قصص قرآني وفقط، فالقرآن يشمل كل ذلك وهو أيضا معجزة الله الخالدة لكل خلقه في كل زمان ومكان ، ولو فرضنا جدلا أن معجزاته قاصرة على البلاغة والتشريع، فقد ولت البلاغة مع من ولى من بلغاء وفصحاء العرب، وإذا حدث وتم ترجمة القرآن لأي لغة أعجمية فساعتها سوف نجد أن معجزة البلاغة قد سقطت، فكيف تكون حجة الله على خلقه إلا إذا كان في القرآن إعجاز شامل يغطى كل جوانب الحياة بما فيها ذكر بعض العلوم الحديثة التي لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ظهرت في العصر الحديث فكانت دليل صدق للنبوة الخاتمة. ولنا في قول الله تعالى{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53, الدليل القاطع على صحة الإعجاز العلمي فالسين للاستقبال (أي المستقبل), والرؤية في الأفاق والأنفس ثبت يقينا أنها تقوم على العلم وأقصد هنا العلم الحديث، فكيف لنا أن نصل إلى عمق الآفاق والأنفس بدون أدوات مساعدة كالميكروسكوبات والمناظير والتلسكوبات وغيرها الكثير ما اكتشفه العلم الحديث فكان فاتحة الخير على الإسلام والمسلمين حيث ظهرت لهم الكثير من الآيات التي وعد الله بإظهارها لتكون لهم ولغيرهم آية, فيكون القرآن والسنة معجزة صالحة لكل الأزمان.
وينبغي أن ننتبه أيضا إلى أن نصوص القرآن والسنة هي التي أثارت العقول لتبدأ قضية الإعجاز العلمي وذلك بعرضها لقضايا غريبة عن واقع الناس فى زمن الوحي, تحث العقول السليمة على البحث والتدبر والتفكر. ففي أول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له جبريل اقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق)1-2 العلق, يقول صاحب التحرير والتنوير حول هذه الآيات, (فيها إيماء إلى أن أمة النبي صلى الله عليه وسلم ستصير إلى معرفة القراءة والكتابة والعلم, كما أن فيها توجيه للنبي صلى الله عليه وسلم إلى النظر في خلق الله, وخاصة خلقه الإنسان خلقا عجيبا مستخرجا من علقة فذلك مبدأ النظر....انتهى بتصرف), فالنظر في خلق الله المنظور لهو من أكبر الآيات الدالة على ربوبية رب العالمين، ولنا أن نعجب لماذا أُمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى خلق الإنسان من علق في أول سورة تنزل عليه، إلا لعلم الله بأن قضية خلق الإنسان هي من القضايا العلمية الغيبية الهامة التي شغلت فكر البشرية قديما وحديثا، وبالتالي فذكر الحقائق العلمية المتعلقة بهذه القضية في القرآن والسنة بطريقة لا تخالف ما توصل إليه العلم الحديث يعد دليلا على ربوبية رب العالمين واستحقاقه للطاعة والعبودية, كما يعد أبين دليل على وجود الإعجاز العلمي في كتاب ربنا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فان أحدا لم يسال النبي عن مراحل خلق الإنسان, وحتى وإن سألوه, فكيف السبيل إلى التحقق من صحة أقوال النبي صلى الله عليه في زمن لم يعرف العلم بعد.
وإذا نظرنا لثاني آية في فاتحة القرآن (الحمد لله رب العالمين) 2 الفاتحة, نجد بلاغة القرآن واضحة جلية في هذه الافتتاحية التي تحمل حمد الله المطلق على أنه الرب المدبر المتفضل على الخلق بكل آلائه التي لا تعد ولا تحصى، ولنا أن نتعجب في هذه الآية من كلمة العالمين, ولماذا أبلغ النبي عن وجود هذه العوالم المتعددة التي لم يرى منها إلا القليل في بيئته، وهل العالمين هي ما في الأرض والبحار وجو السماء من مخلوقات فقط, أم أنها تمتد لتشمل عوالم خفية في السماوات السبع التي لا نعلم عنها شيء، سؤال مطروح يحاول أن يجيب عنه العلم كل يوم بمحاولاته المستمرة للكشف عن حياة خارج الكرة الأرضية, ولتحقيق هذا الهدف بدأ العلم يفكر في الكشف عن كيمياء جديدة وطرق بحث جديدة ليستطيع التوصل إلى عوالم خفية عن الإمكانيات المتاحة والتي لا تبصر إلا القليل من عوالم رب العالمين القائل عن ملكه (فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون) 38-39 الحاقة، وقد صدقوا في فكرهم لأن ذرات ملك الله لا يعلم مدى تنوعها إلا الله, والتعرف عليها لا يكون إلا باكتشاف هذه الذرات بوسائل جديدة لم تكن معروفة من قبل.
وكما أشار الله في قرآنه إلى حقائق خلق الإنسان وتعدد العوالم التي لا نرى منها إلا القليل, أشار أيضا إلى بعض الحقائق الكونية التي تثبت وجود الإله الواحد القادر، ومن ذلك قول الله (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) 30 الأنبياء، ففي هذه الآية يثير المولى تبارك وتعالى مسألتين غيبيتين في غاية الغرابة لم يكن للناس بهما علم في زمن نزول القرآن، الأولى أن السماوات والأرض كانتا رتقا، أي ملتصقتين ببعضهما ثم فصل الله بينهما، والثانية أنه جعل كل حياة لا تنفك عن احتياج للماء. فإذا كان القرآن كما يزعم البعض منزه عن ذكر خبايا العلوم المادية كما يزعم البعض, فلماذا أشار الله إلى هذه الغيبيات التي لا يمكن للنبي ولا لأصحابه أن يدرسوها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, إلا إذا كان الله يعلم بأنه سيأتي زمان على الناس يتناولون دراسة أصل الكون وأنهم سوف يمتلكون الأدوات المؤهلة لذلك، فوضع المولى تبارك وتعالى هذه الآية في كتابه، فكانت غيبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, ولكنه ما لبث أن بدأ يخرج من الغيب إلى الشهادة في زمن الرؤية بالعلم, فكانت الموافقة بين علوم القرآن والسنة وبين علوم الإنسان معجزة حقيقية تقود العقول إلى الإيمان بعلام الغيوب.
وإذا كانت هداية العقول إلى الله بسيطة في كثير من الأحوال, بالخطاب العقلي البسيط {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة21, {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ }الطور35, إلا أن الهداية أيضا في كثير من الأحوال تحتاج إلى الآيات البينات (المعجزات), وإذا كان من حق الناس في زمن النبي أن يروا معجزة مادية، فهذا الحق لا يزول بموت النبي وانتهاء معجزاته المادية, فلابد للمعجزة أن تستمر على مدار الزمان، ولذا فكان لا بد من معجزة باقية لا تزول إلى يوم القيامة إلا وهي التوافق التام والعجيب بين ما هو مسطور في كتاب رب العالمين وسنة سيد النبيين، وبين ما هو ثابت من العلوم التي تبحث في كون الله المنظور، والذي عرف حديثا بالإعجاز العلمي، وهذا هو ما وعد به رب العالمين من أن رؤية الكافر للأفاق والأنفس سوف تنقلب عليه آيات واضحات تدله على الحق كما قال تعالى (سنريهم آياتنا...........) و(أو لم يرى الذين كفروا........).
فالإعجاز العلمي يكاد يكون هو اللغة الوحيدة التي يفهمها ويقتنع بها غير المسلمين، فما من مناظرة تتم بين مسلم وغير مسلم إلا وللمعجزة فيها دور كبير, فالذي يستطيع أن يأتي بمعجزة حقيقية من قبل الله, فله الغلبة بإذن الله, ولله الحمد أن جعل لنا في الثابت الصحيح من الإعجاز العلمي المعجزة المنشودة والقادرة على حسم النقاش بالحكمة والموعظة الحسنة, لذلك فإن دعوى الابتعاد عن التفسير العلمي لبعض ما جاء في القرآن الكريم اعتماداً على حقائق العلم الثابتة دعوى يطرب لها أعداء الإسلام، وتنزل على قلوب الملحدين برداً وسلاماً.
وإلى الذين يخافون ويحرصون على الدين من إفراط بعض الباحثين في قضايا الإعجاز العلمي، أقول لكم احرصوا مع البحث عن الحقيقة، أما أن نحرص فنقعد عن العمل فهذا ضياع لأمور الدين وخلط للحابل بالنابل، فنحن مأمورون بالتفكر والتدبر في كتاب الله، فلماذا التفكر والتدبر إن لم يكن هناك جديد يمكن الوصول إليه. وكما تجتهدون في الفقه والعقيدة وغيرها فاجتهدوا في كشف سُبل جديدة لهداية الكافرين الذين لا يؤمنون إلا بالعلم المادي فسُبل الهداية متعددة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69.
وإذا كان الإفراط قد حدث من جانب بعض المحبين للإعجاز العلمي كظاهرة غير صحية دافعها العاطفة الزائدة، فذلك يستلزم التصدي لها بكل قوة من خلال الضوابط المعتمدة للإعجاز العلمي في القرآن والسنة حتى لا يضيع الهدف الأسمى للإعجاز العلمي كأحد جوانب الهداية في القرآن والسنة. ولو تركنا علم الحديث لأجل المدلسين نترك علم الإعجاز العلمي, ولكن الأولى أن يدخل العلماء المعترضون بكل علمهم في فحص المنشور من الإعجاز العلمي وتحقيقه بما يرضى الله لا أن يحجموا ويرفضوا فالله سائلهم عما علموا يوم القيامة. كما أنصح كل مسلم بالعمل بحديث النبي صلى الله عليه والسلم (الدين النصيحة) أخرجه مسلم, فأناشد كل قراء الإعجاز إذا ظنوا أن هناك خطأ ما في أي مقالة من مقالات الإعجاز العلمي, أن يراسلوا صاحب المقالة ويبينوا له هذا الخطأ, فربما أقام الحجة على صحة قوله وخطأ ظنهم, أو ألزموه الحجة الصحيحة فلا يعود ثانية إلى خطأه, وبذلك يخاف كُتاب الإعجاز العلمي من النقد العلمي طالما أن بعضهم لا يخاف الله, وبهذا يفكرون ألف مرة قبل نشر أي كلمة لأنهم على علم بأن هناك من يراقب أقوالهم. ولكن أرجو أن لا نتطاول على العلماء بحجة الدفاع عن الإسلام فهدفنا توحيد الصف وليس تقطيعه, وأن نُعلى من قيمة الإعجاز العلمي وقيمة العاملين فيه لأننا في زمان الإعجاز العلمي وما أحوجنا إلى المعجزة لمواجهة الباطل.