«الكمة» العمانية رمز للماضي والحاضر وجزء من الهوية
تتنوع ألوانها وأسعارها لكن الشكل يبقى واحدا
الكمة العمانية من مسلتزمات الأناقة.. كما أنها من بقايا التراث العماني («الشرق الأوسط»)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]مسقط : جهان المصري
قلما تصادف في سلطنة عمان رجلا لا يرتدي الزي التقليدي العماني ويضع «الكِمة» او «المصر» على رأسه، حتى انك ترى الكثير من الصبية الصغار يرتدون هذا الزي في مختلف المناسبات وفي ايامهم العادية ايضا. وتعتبر الكمة العمانية، التي تشبه إلى حد كبير الطاقية، ذات اهمية بالغة للرجل في السلطنة، فهي من مكملات أناقته وتأخذ مكانة بارزة بعد المصر، الذي يشبه العمامة، كغطاء جميل للرأس يحرص العمانيون على انتقائها من حيث اختيار اللون والرسم. تعرف الكِمة باللغة العامية في عُمان بـ«القحفية» وليست هناك من مدونات رسمية تبين تاريخ استعمالها او تعطي تفاصيل موثقة حول اصل الكلمة ومصدرها، ولكنها تعتبر قطعة اساسية في الزي العماني التقليدي ويؤكد العمانيون انها عمانية مائة بالمائة. يرتدي الرجال في كل مناطق السلطنة الكمة ورغم وجود اختلافات في الازياء تبعا للمنطقة التي ينتمي اليها الفرد فهناك مثلا الزي الخاص بأهل ظفار وآخر بأهل مسقط وصور، وهكذا دواليك تبقى الكمة واحدة من منطقة لأخرى.
وتحاك الكمة التي تعتبر من الصناعات التراثية العمانية من خيوط ملونة جميلة تنقسم الى نوعين، الاول سميك والاخر اقل سماكة، ويبللان بالماء كي يسهل استخدامها وحتى لا ينقطعا اثناء الخياطة. وتربط ابرة كبيرة في الكمة نفسها تساعد على إحداث ثقب صغير فيها ومن خلاله تقوم المرأة بالخياطة بطريقة انسيابية وسريعة.
وما زالت صناعة الكمة متداولة في مناطق وولايات السلطنة وبخاصة في ولاية قريات التي تشتهر بهذه الصناعة. وقد حدثتنا احدى القائمات على هذه الصناعة فقالت انه يوجد نوعان للكمة العمانية، نوع يطلق عليه نصف نجم، والاخر يطلق عليه اسم نجم كامل. اما عن المدة التي تستغرقها خياطة الكمة فترتبط ارتباطا اساسيا باختلاف وتنوع الرسمات المطلوبة. العدد الاكبر من الكمم يتم خياطتها باليد ولكن هناك ايضا الكمم التي تصنع في صلالة والتي تعتمد في خياطتها على الماكنات. وهنا يطرح السؤال: هل يتم ايضا استيراد الكمم من الخارج؟ وهل تختلف عن تلك المصنوعة محليا؟ الجواب هو نعم يستورد العدد الاكبر من الكمم من الفلبين وهي ذات نوعية جيدة، لكنك حين تقارن الاثنين تستطيع ان تتبين الفرق فورا، اذ ان طريقة الخياطة وعلى الاخص التطريز تختلف بين الاثنين وهذا بدوره يؤدي الى اختلاف شديد في الاسعار، فسعر الكمة يتراوح بين ثلاثة ريالات الى 60 ريالا. يقول جواد محسن، وهو صاحب محل لبيع الكمم في سوق مطرح منذ 36 سنة، «ان الاقبال على الكمم لم يتغير على مر الزمن، فما زالت من اساسيات اللباس عند الرجل العماني وما زال الاقبال عليها كبيرا من الكبار وصغار السن». ويجد محسن ان ادخال الوان ونقشات جديدة على الكمة من الاسباب التي تجعلها مطلوبة ومرغوبة ولا سيما من الشباب هذه الايام حيث هناك اقبال اكبر على شراء الكمم الملونة. وعلى الرغم من الفرق الكبير في الاسعار بين الكمة المحلية والمستوردة فإن الإقبال ما زال كبيرا على الكمم العمانية الصنع.
في المقابل يفضل كبار السن ارتداء الكمة ذات اللون الابيض والبيج ويبتعدون عن استعمال الالوان ولكن يخضع اختيار اللون في النهاية الى ذوق الشخص بالدرجة الاولى، او كما يقول البائع في سوق مطرح محمد اللواتي «يعود اختيار اللون الى مزاجي الشخصي» علما بان الالوان بدأت بالدخول في خياطة الكمة منذ نحو 20 عاما.
وكذلك لا بد من ملاحظة ان الكمة لا تستعمل في المناسبات الرسمية ابدا وكذلك خلال دوام العمل الرسمي، ان كان في الدوائر الحكومية او المؤسسات الخاصة، ويتم الاستعاضة عنها بالمصّر الذي يعتبر شكلا من اللباس الرسمي. وللمصّر ايضا الوانه المختلفة التي تخضع ايضا لذوق الشخص، ولكن اجمالا يفضل العمانيون المصر الابيض الذي تدخل عليه نقشات ملونة وتتنوع الالوان من الالوان الهادئة الى الالوان الفاقعة ويوضع عادة المصر فوق الكمة. اما اسعاره فتتراوح بين ريال واحد الى 250 ريالا حسب نوع القماش المستعمل.
ويقول محسن «ان طريقة خياطة الكمة اليوم باتت افضل من السابق وان التغير طال الالوان والرسم او التصميم المستعمل وليس الشكل، ففي السابق كان الرسم يقتصر على خط او خطين يتم تطريزهما فقط ولكن اليوم تغيرت الاشكال». وما زال محسن يحتفظ بكمة تعود الى مائة عام مضى ويبدي اعتزازه وفخره بمحافظة الشعب العماني على لباسه كما هو منذ عقود وحتى اليوم. والاهم من ذلك التزام الشباب حتى اليوم بهذا اللباس في كل المناسبات واوجه الحياة.
وهنا لا بد من ملاحظة ان المجتمع العماني بأغلبيته الساحقة يلتزم تماما باللباس التقليدي في كل المناسبات. فللازياء العمانية مكانتها الخاصة والمميزة عند الرجل او المرأة على حد سواء، وإجمالا تتصف هذه الازياء ولا سيما للرجال بالبساطة والتكيف مع البيئة المحيطة وهي باتت جزءا من هويته.
* خطوات صناعة الكمة
* الأدوات المستخدمة:
مقص، رؤوس مصنوعة من الفضة وهي تلبس في الاصابع لحمايتها من وخز الابر وكذلك لشد الخيط المستعمل في التنجيم، اما الابرة فهناك ثلاثة انواع:
ابرة التتريس (وهي اكبر حجما من ابرة التنجيم) ابرة التنجيم تستعمل لتكون الغرز اكثر دقة واصغر حجما ابرة لإحداث ثقوب قبل البدء بالتنجيم المواد المستخدمة:
خيوط مصنوعة من القطن (وهي تستعمل للتتريس وذلك حتى يتماسك قوام الكمة). قطعة قماش بيضاء مصنوعة من القطن ترسم عليها الاشكال قبل التتريس وقماش للكمة.
خطوات العمل:
يراعى في صناعة الكمة ان يقوم بها شخص واحد كي تتم بنفس النسق وتكون متجانسة. وتكون الخطوات على الشكل التالي:
ـ ترسم الاشكال على قطعة القماش البيضاء وعادة ما تكون هذه الاشكال والرسومات مستوحاة من البيئة العمانية وتراعي المقاسات المطلوبة عند رسم الاشكال.
ـ تتم عملية القص وتفصيل القطعة حسب المقاسات تمهيدا لعملية التتريس وعلى ان تكون تحت هذه القطعة قطعة اخرى اي ان تكون هناك قطعتان متطابقتان.
تبدأ عملية التتريس للكمة بالخيوط القطنية باستخدام ابرة التتريس على المسارات التي رسمت، حيث يتم ادخال هذه الخيوط من تحت الرسومات لاكساب الكمة القوام المطلوب والمتجانس.
بعدها تبدأ عملية التنجيم بخياطة وتطريز الاشكال والرسومات بخيوط ملونة حسب الطلب وتراعى الدقة في هذه العملية. وجدير بالذكر هنا ان مرحلة التنجيم هي اطول مرحلة في صناعة الكمة. اما في المرحلة الاخيرة فيتم تثبيت جزأي الكمة ببعضهما لتصبح على شكلها النهائي جاهزة للبيع. وتستغرق حياكة الكمة الواحدة نحو اسبوعين اذا ما جرى العمل فيها يوميا وفي بعض الاحيان قد تستغرق عدة اشهر، أما ارضية الكمة فغالبا ما تكون بيضاء من ثم يتم ادخال الخيوط الملونة حسب الطلب.