قصة البطل المقدم إبراهيم عبد العزيز زيادة تحمل الكثير من المفاجآت فبعد أنتهاء معارك أكتوبر 1973 تم إبلاغ أهله بقرية الشون بمحافظة كفر الشيخ بنبأ أستشهاده خلال المعارك .
صدرت شهادة وفاة باسم البطل ووثيقة شرف من ادارة شئون الضباط للقوات المسلحة وأقيم العزاء بقرية الشون وأصيبت زوجة البطل الشهيد بصدمة نفسية عميقة فقد رحل زوجها البطل الشهيد تاركاً لها ثلاثة أبناء فى عمر الزهور ولكن والده الحاج عبد العزيز كان يشعر بأن ولده مازال على قيد الحياة وطلب من ابنه الأصغر الضابط بالقوات المسلحة ( أنور ) أن يبحث مع قوات الصليب الأحمر عن جثمان شقيقه البطل إبراهيم فى مكان استشهاده بأرض سيناء وعاد أنور ولم يعثر على شئ وتوارت الآمال فى العثور على شقيقه حياً وأستسلم الجميع للأمر .
بدأت الزوجة فى صرف معاش زوجها الشهيد والذى قررته لها ادارة القوات المسلحة ومرت الأيام الحزينه على هذه الأسرة التى تعيش حياتها مابين الاسكندرية وقرية الشون بكفر الشيخ ورضى الأب بقضاء الله وقدره .
جاء شهر مارس عام 1974 حاملاً معه الربيع والحياة .. لقد عاد البطل الشهيد المقدم إبراهيم عبد العزيز زيادة إلى الحياة .. فهو لم يمت .
ففى عصر يوم السادس من شهر أكتوبر 1973 العاشر من رمضان 1393 هـ دخل البطل إبراهيم سيناء بواسطة طائرة هليكوبتر حملته مع مجموعة من رجال الصاعقة إلى وادى فيران بجنوب سيناء وهناك كتبت هذه المجموعة ملحمة من أجمل ملاحم النصر لقد تصدت المجموعة لأتوبيس يحمل ستين ضابطاً إسرائيلياً فتم تدميره بمن فيه .
هنا أيقن العدو أن مجموعة من أبطال الجيش المصرى قد تسللت إلى هذا المكان فأرسلوا الطائرات بحثاً عن الأبطال وبالفعل تمكنت القوات الإسرائيلية من أسر بعض الأفراد من مجموعة الأبطال وقتل بعضهم .
تمكن البطل إبراهيم عبد العزيز من الأختباء فى مغارة ببطن أحد الجبال وأتخذها موقعاً له يشن من خلاله الهجمات الفردية على العربات والجنود الإسرائيليين ثم يعود مرة أخرى إلى المغارة .
عانى البطل إبراهيم عبد العزيز كثيراً .. فقد الماء والطعام ولجأ إلى تناول الحشرات وشرب بوله .. ومع الأيام أيقنت القوات الإسرائيلية وجود أحد أبطال مصر على قيد الحياة فى هذا المكان فالهجمات مازالت على القوات الإسرائيلية كل ليلة .
حلقت طائرة إسرائيلية على ارتفاع منخفض لحماية القوات الإسرائيلية ورصد المنطقة رصداً دقيقاً للوصول إلى ابراهيم عبد العزيز زيادة ولكنها فشلت للمرة الثانية .
التقى البطل إبراهيم عبد العزيز زيادة برجل من بدو سيناء فأمده بجلباب فتخفى فيه وراح يتحرك بحرية وكأنه أحد أبناء سيناء وقام بأعمال بطولية جلعت العدو يرصد مكافأة ضخمة لمن يخبرهم بمكان البطل إبراهيم عبد العزيز زيادة فقد توصلوا إلى اسمه من خلال رسالة كتبها لزوجته قص لها ما يفعله فى سيناء .
التقى البطل إبراهيم عبد العزيز ببعض جنود مصر الذين ضلوا الطريق فى سيناء وكونوا مجموعة لمهاجمة مخازن القوات الإسرائيلية فى وادى فيران وذات يوم أستوقفه ضابط إسرائيلى وسأله عن اسمه وعما يفعله فى هذا المكان ؟
فأخبره البطل وبلهجة أهل سيناء .. أنه أحد أفراد قبيلة سيناوية وهنا أقتنع الضابط الإسرائيلى بكلام البطل وخاصة أن لحيته كانت طويلة بعض الشىء ثم سأله الضابط عن إبراهيم زيادة الذى يقوم بأعمال إجرامية فى حق جيش الدفاع الإسرائيلى ؟ فأخبره البطل إبراهيم بأنه لا يعرفه ولا يعرف مكانه .. مع أن الضابط الإسرائيلى إذا قام بتفتيش البطل لتوصل إلى السلاح الذى معه داخل جلبابه ولكنها قدرة الله تعالى .
واصل البطل إبراهيم عبد العزيز زيادة عملياته البطولية وتمكن من تدمير مجموعة من الدبابات والعربات الإسرائيلية ثم بعد أعلان وقف اطلاق النار قرر البطل العودة إلى أرض مصر الحبيبة وبالفعل أستطاع التوصل لمجموعة مصرية على الضفة الشرقية لقناة السويس وسلم نفسه إليها وبدورها أعادته إلى مدينة السويس ومنها وصل إلى قريته الشون بكفر الشيخ وسط فرحة عامرة وزغاريد عمت سمع الزمان .
تم تكريم البطل إبراهيم عبد العزيز زيادة حيث تمت ترقيته إلى رتبة العميد ونال العديد من الأوسمة تقديراً لبطولته
بعد صراع طويل مع المرض رحل البطل فى عام 2004م إلى الدار الآخرة فرحمة الله على روحه الطاهرة .
_____________
من كتاب أبطال النصر للأديب الصحفى إبراهيم خليل إبراهيم