فى الثامن من شهر أغسطس عام 1878م كانت " بنى عدى " التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط بوسط الصعيد على موعد لاستقبال المولود الجديد ( أبو العلا بن محمد بن حافظ ) حفيد الشيخ ( العدوى ) من ناحية الأب ، والأمير ( حسن كتخدا ) من ناحية الأم .
فى طفولته حفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر الشريف ، واشتهر بين أقرانه بالصوت الحسن وإلقاء الشعر ، وذاعت شهرته بين مشاهير الطرب فى عصره ، وقام بتلحين مجموعة من القصائد الشعرية الدينية لكبار الشعراء .
سجل بصوته نخبة من القصائد والأغنيات على اسطوانات ، وعلى محطة قطار السنبلاوين بمحافظة الدقهلية كتب القدر كلمته عندما شهدت المحطة لقاء الطفلة الصغيرة ( أم كلثوم ) ووالدها مع الشيخ ( أبو العلا محمد ) وكان ذلك اللقاء بدون موعد سابق .. فخلال تواجد ( أم كلثوم ) مع والدها على محطة القطار لمحت الشيخ ( أبو العلا محمد ) فأسرعت إليه وصافحته وطلبت منه الذهاب معهما إلى منزل الأسرة بقرية ( طماى الزهايرة ) التابعة لمركز السنبلاوين ، وبالفعل ذهب معهما وعندما استمع لصوتها قال لوالدها : حرام عليك أن تحبس هذه الموهبة فى قرية صغيرة ، ونصحه بالانتقال إلى القاهرة عاصمة الفن والشهرة ، وبالفعل استجاب الشيخ ( إبراهيم السيد البلتاجى ) لنصيحة الشيخ ( أبو العلا محمد ) واستقرت الأسرة فى القاهرة ، ولم يبخل الشيخ ( أبو العلا محمد ) على ( أم كلثوم ) بفنه وتجاربه ، وتغنت بلحنه لأول قصيدة تشدو بها لشاعر الشباب ( أحمد رامى ) والتى بعنوان ( الصب تفضحه عيونه ) وذلك فى عام 1924م .
فى عام 1926 غنت قصيدة ( وحقك أنت والمنى ) أشعار الشاعر الشيخ ( عبد الله الشبراوى ) وتواصل العطاء الفنى بينهما بعد ذلك .
رزق الشيخ ( أبو العلا محمد ) من الأبناء بولدين وست بنات ، وكان ابنه الدكتور( جلال الدين ) يرغب فى الزواج من ( أم كلثوم ) ولكن لم تتحقق رغبته .
أصيب الشيخ ( أبو العلا محمد ) بالشلل فتعذر عليه الغناء والتلحين
فى الخامس من شهر يناير عام 1927م فاضت روحه إلى بارئها ، وشاركت ( أم كلثوم ) فى جنازته وودعته إلى مثواه الأخير ، وفى احتفالية إحياء ذكراه أنشدت بصوت يتمزق ألماً وهى تذرف الدموع مجموعة من ألحان أستاذها الشيخ ( أبو العلا محمد ) وفى هذه الاحتفالية قال شاعر الشباب ( أحمد رامى ) مرثية نذكر منها :
كان شعرى فى فيك للغناء
فغدا اليوم فى فمى للرثاء
من معينى على افتقادك
يا من كنت عونى على الأسى والبكاء
عز دمعى عليك يوم نعى
الناعى أعز الأحباء والأصفياء.
______
مقال للكاتب : إبراهيم خليل إبراهيم
بجريدة الأهرام المسائي 21/9/2004
كتاب : أصوات من السماء
للكاتب : إبراهيم خليل إبراهيم
رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق
القومية المصرية 10948/2006