أتيحت لنا الفرصة كي نلتقى كثيرا وكانت وما زالت من أقرب الشخصيات الأدبية إليَّ، وتأكد ذلك بحضوري عشرات الأمسيات الشعرية التي شاركت فيها، وعبر العمل الوظيفي الذي تولت فيه الإشراف على مديرية الثقافة في القليوبية، وكنت زميلا لها بحكم عملى مديرا لإدارة النشر والمواهب والثقافة العامة بهيئة قصور الثقافة، وقد قصرت المسافات.
عندما جمعنا اتحاد الكتاب في مجلس إدارته لعدة دورات، وكانت أفكارنا متقاربة إلى حد كبير بسبب ذلك التماثل الثقافي والنفسي وميلنا للانشغال بالهم الوطني، مما سيأتي الحديث عنه.
كانت وفاء وجدي تقريبا الشاعرة الأهم في ظني على الساحة الشعرية المصرية طوال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين. كانت الصوت الأعلى والأشهر والأجمل، خاصة بعد رحيل أو اعتزال السابقات عليها، وكانت الحركة الشعرية فيما أذكر خالية من الأصوات النسوية إلا القليلات اللائي لم يكن في حجم وفاء.
مضت وفاء تعزف ألحانها التي احتلت بها مكانة مرموقة، حظيت بسببها بعشرات الدراسات النقدية التي تناولت إبداعها الشعري والمسرحي، الأمر الذي يستوجب إعادة طبع أعمالها ومواصلة درسها عبر الحركة الثقافية أو مقاعد البحث في الكليات، لتمكين التاريخ الأدبي من تقديم الاعتبار اللائق بتجربة وفاء الشعرية التي تواصلت بسخاء وإخلاص على مدى يكاد يدنو من نصف قرن (يالقسوة السنين التي تقود عجلتها على طريق عمرنا بمنتهى السرعة، لكن الإبداع سيظل الأقوى!).
بالإضافة إلى ما ذكرت من دواوينها المبكرة، أصدرت الشاعرة الدواوين التالية: الحرث في البحر. ميراث الزمن المرتد. رسائل حميمة إلى الله. في نور أسماء الله الحسنى. ومسرحيات شعرية: بيسان والأبواب السبعة. الشجرة. الصعود إلى الشمس.
إن هذه الشهادة المتواضعة التي تصدر من حنايا عقل وقلب صديق ومحب لشخص العزيزة وفاء ومنجزها الفني الجميل، قد تتسع قليلا لتتجاوز الشهادة الشخصية والإنسانية إلى شهادة شبه نقدية، لتشير إلى أن التجربة الشعرية لوفاء تنهض على، وتنطلق من، ستة محاور، هي:
1 ـ الرومانسية
2 ـ الوطنية
3 ـ الحس العروبي
4 ـ البساطة
5 ـ الأخلاقية
6 ـ الجدية
وقال المبدع محمد عبد الحافظ ناصف مدير عام ثقافة القليوبية :
شاء القدر أن يرتبط اسم الشاعرة وفاء وجدى ( ثلاث مرات ) أثرت فى بشكل بالغ المرة الأولى حين أردت أن أسس فرع اتحاد الكتاب بالغربية والمرة الثانية كان محبة خالصة نشترك بها لفنان مبدع رائع ومجدد هو الفنان الراحل وفيق وجدى والمرة الثالثة حين صدر قرار عملى مع الدكتور أحمد مجاهد فكان اسم وفاء وجدى هو النموذج الذى يدعونى الناس إليه .. فأرجو أن أحمل الأمانة وأكون عند حسن ظنها .
وفى شهادته التى بعنوان ( وفاء وجدى .. بين الشفاهى والكتابى محاولة للاقتراب ) قال المبدع فؤاد مرسى :
خالد أنت يابحر ..
حين تكون السؤال ..
وحين تكون الجواب ..
وحين تكحل عين الصخور
بدغدغة الموت فى فرحة
واحتفاء
لاتكاد تبرح وفاء وجدى البحر حتى تعاود الوقوف عليه من جديد متأملة صخوره بانتظار أن تلمح عروس البحر جالسة فوق إحداها تمشط شعرها أو شواطئه التى يقف عليها عاشق مندوه
لقد أسفر ارتباط وفاء وجدى العضوى بالبحر عن احتشاد تصوصها بمجموعة من المفردات المستلهمة من عالم البحر وتجلياتها الفولكلورية بما يكشف عن رؤيتها الإيجابية لنصوص الحياة الشعبية والاعتماد عليها كعناصر ذات إسهام رئيس فى منظومة الثقافة وبؤرة كاشفة لأبعاد الوجود الإنسانى وتعميق الوعى بالحياة .
وفى شهادته التى بعنوان ( بين واقعية الحلم وحلمية الواقع تأسيا على ديوان الحرث فى البحر للشاعرة وفاء وجدى ) قال الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى :
إن النزعة الرومانسية التى تتألق بين ضلوع وفاء وجدى على امتداد تاريخها الإبداعى الحافل شأنها فى ذلك شأن كل فنان كبير تجعهلها قادرة على العمل بإيجابية للوصول بسفين أحلامها المشروعة إلى شواطىء الواقعية
شاعرتنا منذ البداية أختارت لديوانها عنوان ( الحرث فى البحر ) هذا العنوان الرائع قدمت من خلاله الإجابة شهية نقية على طبق من ذهب فأقرت بهذا العنوان أن محاولاتها الرسو بحلمها المنشود على شاطىء الواقعية قد فشلت ولم تحقق شيئا مما تأمله فبدت وكأنها تحرث فى البحر فلا اثر لما تحرثه ولاثمار لما تزرعه .. وكأنها بذلك أيضا تحاول أن تقول بين حروف هذا العنوان أن الصراع الذى بدأته لم تحسمه بعد وعلينا نحن استكماله فربما حققنا ماعجزت هى عن تحقيقه وهى بالفعل شجاعة أدبية تحمد عليها وتحسب لها .. وهى تؤكد على هذا المعنى الذى ساقته فى عنوانها ( الحرث فى البحر ) فى مناطق إشعاعية متعددة فى هذا الديوان ونذكر منها قولها :
إذا كان بحر الهوى مالحا / وكان الظمأ فادحا
فأى السبيلين نسلك حين يضيع الخيار ؟
إذا حرثنا ببحر / فأى عزاء ؟
فإن لم تروعنا الملوحة / روعنا حرث ماء
وأى انتصار إذا كان سيفى / يحارب طاحونة فى الهواء ؟
وفى ختام شهادته قال الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى :
ومع حرثها فى البحر نتماوج نحن فى بحرها الإبداعى الرائق باحثين عن أصدافه الرائعة منقبين عن كنوزه الثمينة ثم ذكر البيت الشعرى للشاعر الدكتور جمال مرسى :
هو الشعر عشب نما فى الخيال
سقته التجارب ماء الشعور
وفى بداية شهادة الشاعر الرقيق طارق عمران والتى بعنوان ( زهرة البنفسج فى بستان الأصالة والمعاصرة ) قال :
الكلمة المختارة والتى ضمها الغلاف الأخير للكتاب أختيرت من شهادة الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى ثم قدم الشاعر طارق عمران التحية والتقدير للمؤرخ والأديب الشامل إبراهيم خليل إبراهيم والمبدع الواعد حامد إبراهيم خليل ونخبة من المبدعين والصحفيين الذين حضروا هذه الاحتفالية .. ثم قال :
وفاء وجدى شاعرة رائدة من رائدات التجديد فى الشعر العربى .. أديبة تكتب القصيدة والأغنية والمسرح الشعرى
مع نهاية 1976 وقعت عيناى على أشعار وفاء وجدى فقرأت لها ثم التقيت معها عندما دعاها الشاعر سامى سرحان لنادى أدب كفر شكر ثم التقيت بها فى ثقافة القليوبية بعد تعيينها مديرة للثقافة فى القليوبية وبعد حصولى على المركز الأول فى شعر العامية كرمتنى ودعتنى لصالونها الثقافى كما شجعتنى على دراسة إدارة الاعمال فحصلت على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة وفى عام 1998 اصدرت قرارها بتعينى مديرا لثقافة البقاشين
اهتمت الشاعرة وفاء وجدى بحركة النشر لشباب المبدعين وكان دورها بارزا فى إصدار أندية الأدب بالقليوبية مجلات أدبية متخصصة .. ستبقى وفاء وجدى رائدة من رائدات التجديد فى الشعر الغربى ولنبقى معها نردها كانشودة الصباح الجميل فى بستان الحكمة
كما ألقى الشاعر محمد يحيى حجاج عضو اتحاد كتاب مصر قصيدة بعنوان ( سكنى وفاء وجدى ) نذكر منها :
الكل يشهد لها / قبلى ومن بعدى
مش زى بعض الزبد / موجه وحاتعدى
دى فى القلوب خلدت / سكنى وفاء وجدى
هذا وقد أصدر المؤتمر السادس لليوم الواحد لأقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد والإدارة العامة لثقافة القليوبية إصداره الرائع بعنوان ( ملامح التجديد فى شعر وفاء وجدى ) وصدر برقم إيداع 9577 / 2009 ويقع فى 184 صفحة من القطع الكبير وضم شهادات ودراسات للمبدعين :
محمد عبد الحافظ ناصف
الدكتور السيد فضل
الدكتور أحمد شحاته
الدكتور أمجد ريان
الدكتور محمد حلمى حامد
الناقد والمبدع فؤاد مرسى
الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى
الدكتور محمد السيد إسماعيل
الدكتورة ثرية العسيلى
الشاعر الكبير محمد الشرنوبى شاهين
الروائى الكبير فؤاد قنديل
الشاعر المبدع طارق عمران
الشاعر المبدع وحيد أمين
قصائد للشاعرة وفاء وجدى
وبعد تكريم الشاعرة الكبيرة وفاء وجدى وختام فعاليات المؤتمر السادس لليوم الواحد بمدينة بنها خرج كل المبدعين فى فرحة وسعادة على أمل بلقاءات وفعاليات أخرى مادام فى العمر بقية
___________
تغطية : إبراهيم خليل إبراهيم
____________
تصوير المبدع الواعد :