| الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
???? زائر
| موضوع: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض السبت أكتوبر 10, 2009 12:19 pm | |
|
" الجنرال الذهبى " الشهيد عبد المنعم رياض
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]</A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عبد المنعم رياض - الصورة الرسمية يعتبر الفريق أول عبد المنعم رياض واحدا من أشهر العسكريين العرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين. شارك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الألمانية والإيطالية بين عامي 1941 و 1942, وفي حرب فلسطين عام 1948, وحرب 1956, وكان قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان أثناء حرب 1967, كما كان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس جمال عبد الناصر في إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وحرب الاستنزاف. ولد عبد المنعم محمد رياض عام 1919 في قرية (سبرباي) إحدى ضواحي مدينة طنطا في مصر، ونشأ في أسرة اشتهر عنها النظام والانضباط حيث كان والده القائمقام (عقيد) محمد رياض عبد الله قائد (بلوكات) الطلبة بالكلية الحربية والذي تخرجت على يديه أعداد كبيرة ممن تولوا مناصب قيادية داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
[size=29]التعليم بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الطب تمشيا مع رغبة أسرته، لكنه بعد عامين من الدراسة آثر الالتحاق بالكلية الحربية التي كان يجد في نفسه ميلا شديدا إليها، وتخرج فيها عام 1938 برتبة ملازم ثان. وفي عام 1944 نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول في التخرج، وفيما بين عامي 1945 – 1946 أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في بريطانيا بتقدير امتياز. وانتسب لكلية التجارة وهو برتبة فريق لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد. وقد أجاد عبد المنعم رياض عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية. التوجهات الفكرية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [/size]الفريق عبد المنعم رياض على يسارالرئيس جمال عبد الناصر .
كان عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل, ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصرا عليها إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان وليس مجرد استراتيجية عسكرية. وكان يؤمن بأنه "إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه".
كما كانت له وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون فكان يقول "لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار".
[size=29]حياته العسكرية [/size]
عين عبد المنعم رياض بعد تخرجه في سلاح المدفعية، والتحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942 حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية.
وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين, ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.
تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في عام 1951 وكان وقتها برتبة مقدم، ثم عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953، وفي العام التالي اختير لتولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية, وظل في هذا المنصب إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفياتي عام 1958 لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبي).
بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960 ثم نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961, وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.
اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامي 1962 – 1963, وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة.
ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق, وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا, وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.
بعد عقد معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو/أيار 1967 وضعت قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة كان الفريق عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يناير/كانون الثاني 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة.
وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو/حزيران 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها.
وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية وكان آخر ما أسند إليه من مهام إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية المتمركزة في الضفة الشرقية لقناة السويس خلال ما عرف بحرب الاستنزاف.
حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.
[size=29]الاستشهاد
أثناء الاشتباكات العنيفة التي حدثت بين القوات المصرية والإسرائيلية في 9 مارس/آذار 1969 على امتداد الجبهة من السويس جنوبا إلى القنطرة شمالا أصر الفريق عبد المنعم رياض على زيارة الجبهة رغم ما في ذلك من خطورة ليرى سير المعارك عن كثب ويكون بين جنوده، ووصل إليها بالفعل على متن طائرة عمودية ومعه مدير المدفعية وانضم إليهما قائد الجيش. وفي ظهر ذلك اليوم أصر على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعية التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا والتي كانت في اشتباكات معه طوال اليوم الفائت وتقع تحت سمعه وبصره، وما إن وصل إلى تلك الوحدة حتى وجهت إليهم إسرائيل نيران مدفعيتها، واستمرت المعركة التي كان يقودها عبد المنعم بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء أستشهد عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.[/size] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/url]
[size=25]وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه[/size]
[size=25]رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية
التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/size] |
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض السبت أكتوبر 10, 2009 12:20 pm | |
| مقالات عن الشهيد
هل تتذكرونه ؟ عرس استشهاده 9 مارس 1969
بقلم الأستاذ محمد حسنين هيكل
أغالب مشاعرى كلها الآن، لأكتب فى آخر ما كنت أتصور أن أكتب فيه،
وآخر ما كنت أريد أن أكتب فيه. ولقد كان السؤال الذى دهم حواسى كلها حين سمعت نبأ
استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، فى موقع من أكثر المواقع تقدماً
على جبهة القتال، وفى وقت ضج فيه الافق بهدير المدافع هو :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/url]- لماذا؟ لماذا ذهب؟ لماذا كان فى هذا الوقت بالذات هناك وهو يعرف أكثر من غيره طبيعة ضرب المدفعية، خصوصاً من عدو لا يدقق فى التوجيه، ولا يهمه أن يدقق، لأنه على جبهة القناة، يعرف أن كل طلقة منه يمكن أن تصيب، بيتاً، مدرسةً، مسجداً، مصنعاً، موقعاً، أى شىء يستوى الأمر لديه، بينما مدافعنا نحن تحتاج لكى تصيب إلى تدقيق فى التوجيه ضد عدو مستحكم فى خلاء الرمال الواسعة على الضفة الشرقية حيث حفر لمواقعه، وأسدل عليها مختلف فنون التمويه والإخفاء! لماذا ذهب، اليوم - الأحد - والتقديرات كلها بعد معارك يوم السبت تشير إلى أن العدو سوف يحاول فى الغد أن يثأر لخسائره المؤكدة، وأرجح الاحتمالات أن تتجدد معارك المدافع. وظللت أردد نفس السؤال، مختنقاً باللوعة، مشتعلاً باللهب وأنا أسمع التفاصيل الكاملة للمشهد الأخير فى حياته، ولم يكن أساى لأنى أعرف عبد المنعم رياض صديقاً قريباً وغالياً، ولكن - أيضاً - لأنى أعرف قيمة الرجل وقيمة عطائه للوطن فى وقت يحتاج فيه هذا الوطن إلى نفس هذا النوع من العطاء الذى يستطيع عبد المنعم رياض أن يعطيه. كان قد عاد بالطائرة قبل ساعات من بغداد، حيث حضر اجتماعات لرؤساء أركان حرب جيوش الجبهة الشرقية، وتابع معارك المدافع يوم السبت من مكتبه فى القيادة العامة. وصباح الأحد ركب طائرة هليكوبتر فى طريقه إلى أحد المطارات الأمامية للجبهة، ثم ركب سيارة عسكرية معه فيها مرافق واحد غير الجندى الذى يقود سيارة رئيس هيئة أركان الحرب. وانطلق يطوف بالمواقع فى الخطوط المتقدمة، يتحدث إلى الضباط والجنود، يسألهم ويسمع منهم، ويرى ويراقب ويسجل فى ذاكرته الواعية، وفى أحد المواقع التقى بضابط شاب، وكانت حماسته للشباب مفتوحة القلب ومتدفقة، وقال له الضابط الشاب، ولم يكن هدير المدافع قد اشتد بعد: - سيادة الفريق… هل تجىء لترى بقية جنودى فى حفر موقعنا؟ وقال عبد المنعم رياض، بنبل الفارس الذى كانه طول حياته، وبالإنجليزية التى كانت تعبيرات منها تشع كثيراً سلسة وطيعة على لسانه:
Yes. By all means - أى: نعم، وبكل وسيلة. وتوجه مع الضابط الشاب إلى أكثر المواقع تقدماً، الموقع المعروف برقم 6 بالإسماعيلية. وفجأة بدأ الضرب يقترب، وبدأت النيران تغطى المنطقة كلها، وكان لابد أن يهبط الجميع إلى حفر الجنود فى الموقع، وكانت الحفرة التى نزل إليها عبد المنعم رياض تتسع بالكاد لشخصين أو ثلاثة.
وانفجرت قنبلة للعدو على حافة الموقع، وأحدث انفجارها تفريغ هواء مفاجئاً وعنيفاً فى الحفرة التى كان فيها عبد المنعم رياض، وكان هو الأقرب إلى البؤرة التى بلغ فيها تفريغ الهواء مداه، وحدث له شبه انفجار فى جهاز التنفس، وحين انجلى الدخان والغبار كان عبد المنعم رياض مازال حيث هو، وكما كان، إلا تقلصات ألم صامت شدت تقاطيع وجهه المعبر عن الرجولة، ثم خيط رفيع من الدم ينساب هادئاً من بين شفتيه، وتنزل قطراته واحدة بعد واحدة على صدر بذلة الميدان التى كان يرتديها بغير علامات رتب، كما كان يفعل دائماً حين يكون فى الجبهة ووسط الجنود.الإسماعيلية وقت طويل للمحاولة، برغم أمل ساورهم فى البداية، حين وجدوا جسده كله سليماً بلا جرح أو خدش، لكنها خمس دقائق لا أكثر ثم انطفأت الشعلة، وتلاشت تقلصات الألم التى كانت تشد تقاطيع الوجه المعبر عن الرجولة، لتحل محلها مسحة هدوء وسلام، ورضى بالقدر واستعداد للرحلة الأبدية إلى رحاب الله.
|
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض السبت أكتوبر 10, 2009 12:21 pm | |
| وبرغم كل هذه التفاصيل، فلم أكن قادراً على تصديق ما أسمع، وكان نفس السؤال المختنق باللوعة، والمشتعل باللهب مازال يتكرر صادراً من أعماق أعماق الوجدان: - لماذا؟ لماذا ذهب؟ لماذا وهو أول من يعرف طبيعة ضرب المدفعية، ثم هو أول من يعرف أهمية سلامة رئيس هيئة أركان حرب الجيش… فى أى جيش فى أى وطن؟ وكانت الدموع راحة وسكينة، بدأ كل شىء بعدها أكثر جلاءً وصفاءً، كأن الشمس تعود بعد أن انقشع الضباب المتراكم للعاصفة، وبعد أن انقطع نزول المطر. كانت إجابة السؤال فى أذنى بصوت عبد المنعم رياض، كما سمعته يتحدث إلى بعد موقف من المواقف التى كاد الخطر يطبق فيها عليه، وكان ذلك قبل أكثر من عشرين شهراً، وقبل أن تبدأ معارك يونيو سنة 1967 بأيام قليلة. كان ذلك فى الأسبوع الأخير من شهر مايو سنة 1967، وكان التوتر شديداً على خط الحدود المصرية وعلى خطوط الهدنة، بينما قواتنا تحتشد فى سيناء، وقوات العدو تتدفقإلى النقب الجنوبى، والصدام المسلح محتمل فى أى ساعة. وكان عبد المنعم رياض رئيساً لهيئة أركان حرب القيادة العربية الموحدة، التى أبعدته إليها عناصر كانت لها السلطة المطلقة فى مقدرات القوات المسلحة المصرية فى ذلك الوقت، لكنه لما أحس باحتمال نشوب القتال على الجبهة المصرية، طلب أن يعفى من انتدابه فى القيادة الموحدة وأن يعود إلى جيشه ليخدم فيه مادامت المعركة تلوح على الأفق وأجيب إلى طلبه. وفجأة ظهر يوم 27 مايو سنة 1967، سمعت نبأ بدا وكأنه كارثة،
حاول من نقله إلىَّ أن يعطيه لى على جرعات. قال أولاً: - هناك دوريات مسلحة دخلت للاستكشاف فى الأرض الإسرائيلية". قلت: - معقول، ومفهوم".
قال: يظهر أن عبد المنعم رياض دخل بنفسه مع إحدى هذه الدوريات. قلت: - هذه مخاطرة لا لزوم لها". ولكن الذروة جاءت حين قال لى محدثى فى ذلك الوقت: - ولقد أعلن العدو حالاً أن إحدى الدوريات التى دخلت قد وقعت فى كمين العدو، ومن المحتمل كثيراً أن تكون تلك هى دورية عبد المنعم رياض، لأنها شوهدت وفق آخر تقرير فى نفس هذه المنطقة". وقلت، وأكاد أفقد أعصابى: - هذا غير معقول ولا مفهوم!". ومضت ساعات والقلق فيها يعصر قلبى وقلوب غيرى ممن كانوا يعرفون بالاحتمال الرهيب الذى يمكن أن يتحقق فى أى ثانية إذاما أعلن العدو عن أسماء الضباط من أفراد الدورية التى وقعت فى الكمين الذى نصبه. وأذكر يومها، أننى كنت على موعد مع محمود رياض وزير الخارجية، وكنت أريد أن أناقش معه بعض تطورات الموقف السياسى، لكننا قضينا معاً أكثر من ساعتين فى ذلك اليوم وليس بيننا حديث غير حديث القلق على عبد المنعم رياض: هل كان ضمن الدورية التى وقعت فى أسر العدو… أو أنه لم يكن، ومازال يجوب وسط مناطق تحشدات العدو بجسارته المذهلة، لا يعرف ماذا فعل بأصدقاء له فى القاهرة عرفوا وعانوا. وفى المساء أعلن العدو أسماء ضباط وجنود الدورية التى وقعت فى أسره، ولم تكن دورية عبد المنعم رياض، وخفف القلق قبضته على القلوب، وإن لم يرفعها تماماً فى انتظار أن يعود عبد المنعم رياض أو تصل أخبار مطمئنة عنه. وفى اليوم التالى سمعت صوت عبد المنعم رياض بنفسه يقول لى بالتليفون من القاهرة وضحكته المرحة تسبق الكلمات: - بلغنى أنك كنت عصبياً أمس! قلت له: - لم أكن عصبياً فقط، ولكنى كدت أجن. وراح يضحك، وقلت له: - انتظرنى أقول لك وجهة نظرى، لم يكن تفكيرى شخصياً فى كل ما شعرت به، لكننى لم أكن أتصور أن ينجح العدو - قبل أن يبدأ أى قتال - فى أسر رئيس هيئة أركان حرب القيادة العربية الموحدة؟ هل تتصور أثر ذلك على الروح المعنوية العربية عموماً، هل تتصور ما كان يمكن أن يحصل العدو عليه من معلومات منك، وأنت تعرف أن هناك حداً لصمود أى بشر أمام وسائل التعذيب الحديثة؟ وقال: - لم يكن ذلك كله غائباً عن بالى عندما خرجت مع دورية الاستكشاف، لكنى أحسست بضرورة الخروج هذه الأيام الثلاثة مع الدورية. ولقد كان مسدسى فى يدى طول الوقت، ولم تغمض عينى ثانية واحدة، ولو قد أحسست باحتمال أن نلتقى بقوات للعدو، فلقد كان حتماً أن نقاتل حتى الطلقة ما قبل الأخيرة، لأنى كنت سأحتفظ بالطلقة الأخيرة ذاتها لنفسى، أفرغها فى رأسى قبل أن يحاول العدو أن يأخذ منى نتفه معلومات واحدة. واستطرد عبد المنعم رياض فى ذلك اليوم يقول: - كان يجب أن أخرج مع هذه الدورية بنفسى لأسباب. أريد أن أرى الأرض التى ستجرى من فوقها المعركة، ومع أنى أعرفها من قبل ومشيت عليها بقدمى بقعة بقعة، فلقد كنت أريد أن أستذكر بالنظر ما أعرف.. لا شىء يعوض أن ترى بنفسك الأرض التى ستعمل عليها. والتى على ترابها سوف تتحدد الحياة أو الموت. ومن ناحية أخرى، فإنه فى بداية احتمال قتال بيننا وبين العدو، فلقد كان يجب أن نبعث ببعض الدوريات للاستكشاف، وفضلاً عن أية معلومات قد يعودون بها، فإن دخولهم يكسر رهبة اقتحام أرض للعدو فى بداية مواجهة خطيرة معه. ومن ناحية ثالثة، فلم أكن أتصور أن نقول للضباط والجنود: اذهبوا أنتم إلى الدوريات وعودوا إلينا هنا وقصوا علينا ما رأيتم، تفترق المسألة كثيراً إذا أحسوا أن القواد معهم فى المخاطرة، إلى جانب أنهم رأوا مثلهم ويستطيعون المراجعة عليهم. ثم استطرد عبد المنعم رياض: - إذا حاربنا حرب جنرالات المكاتب فى القاهرة فالهزيمة محققة، مكان الجنرالات الصحيح وسط جنودهم، وأقرب إلى المقدمة منه إلى المؤخرة. وقلت مستسلماً: - مهما يكن، فقد حبست الدم فى عروقنا ساعات! قال ضاحكاً: - "تعيش وتأخذ غيرها"! وعشت "وأخذت غيرها"، على حد تعبيره، وأما هو - لهفى عليه - فإنه لم يعش ليأخذ شيئاً، لكنه سيبقى دائماً مصدر عطاء لا ينفذ لأمة تبحث عن المثل الأعلى، نفس بحثها عن السلاح الأقوى… لم يكن عمر صداقتنا طويلاً، لم يزد على اثنتى عشرة سنة فقد كان أول لقاء بيننا فى موسكو سنة 1957، وكان فى موسكو وقتهاوفد عسكرى مصرى يبرم عقوداً لصفقة سلاح، وكنت فى موسكو فى نفس الوقت، على موعد لحديث صحفى مع "نيكيتا خروشوف"، وكان وقتها نجماً صاعداً فى القيادة السوفيتية، بعد أن أصبح السكرتير الأول للحزب الشيوعى السوفيتى. ودعيت إلى حفل عشاء مع الوفد المصرى، أقيم له فى قاعة الاستقبالات فى وزارة الدفاع، وحضره معظم مارشالات الاتحاد السوفيتى الكبار، "مالينوفسكى"، و"تيموشنكو"، و"جريتشكو"، و"روكسوسفكى" وغيرهم، وكنت - والسفير محمد القونى سفير مصر فى موسكو وقتها - المدنيين الوحيدين فى هذا الجو العسكرى الخالص، وكنت أشعر بالغربة فيه. وكان مقعدى على المائدة أمام ضابط شاب من أعضاء الوفد المصرى العسكرى برتبة لواء، فهمت أنه قائد المدفعية المضادة فى الجيش المصرى، وأن اسمه عبد المنعم رياض.. وبعد دقائق من بدء العشاء كنت أشعر بالعرفان له، لأنه تدخل لإنقاذى أثناء محاورة بينى وبين المارشال رمودينكو قائد الطيران السوفيتى الذى كان يحاول إقناعى بشرب الفودكا، بينما كنت أحاول أن أقنعه - بالإشارة - أننى سوف أدوخ إذا لمس طرف لسانى قطرة واحدة من هذا السائل الأبيض الملتهب. وكان عبد المنعم رياض يتحدث الروسية بطلاقة، ولم يكن هنا كثيرون يتحدثونها فى هذا الوقت المبكر من العلاقات العربي السوفيتية. وفى الليلة التالية التقينا مرة أخرى - ومصادفةً - فى مسرح "البولشوى"، وكانت الراقصة الشهيرة "إيلينا إيلونوفا" تقدم آخر عرض لها لباليه رقصة البجع الشهير، ووجدته أثناء العرض على مقعد قريب من مقعدى، وتقابلنا فى الاستراحة ما بين الفصلين لأقول له: - لم أكن أتصور أن أجدك فى الباليه.. كنت أتصور سهرات الضباط أكثر انطلاقاً من أحلام الباليه وموسيقاه التعبيرية ومزيج الأضواء والظلال والألوان فيه". وقال بسرعة وصراحة: - هل أنت من الذين يضعون الناس فى قوالب، ويفاجأون إذا لم يجدوهم على مقاسها!". واعتذرت له صادقاً. ومن يومها بدأت صداقة بيننا، قوية عميقة. وفى أواخر الخمسينات وأوائل الستينات تعددت لقاءاتنا فى القاهرة، إلى جانب مرات عديدة تصادف وجودنا معاً فى موسكو ذات الوقت. وفى تلك المرحلة كانت تلفت نظرى فى أحاديثه عدة مسائل تتكرر باستمرار: فهمه لدور الطيران فى أى معركة قادمة مع إسرائيل، وكان له تصوير مبسط لموقع إسرائيل فى المكان الذى تقع فيه من قلب العالم العربى، يقول فيه: - تكاد إسرائيل أن تكون فى هذا الموقع المطل على الساحل الشرقى للبحر الأبيض، أن تكون حاملة طائرات ثابتة فى موقعها يحتفظ عليها الاستعمار بقوته الجوية التكتيكية، ووراءها الاحتياطى الاستراتيجى له متمثلاً فى أساطيله البحرية فى هذا البحر الأبيض. ثم يستطرد: - ما هو السلاح الأساسى لحاملة الطائرات؟ ويجيب بنفسه: - الطائرات طبعاً! ويستطرد: - إذا أردت أن تضرب فبالطيران قبل غيره، وإذا أردنا ضربها فبالطيران قبل غيره، وإذا فقدت الحاملة طائراتها أصبحت مجرد لوح خشب طاف على سطح الماء. وحرب الطيران هى حرب الانقضاض المفاجئ، حرب السرعة الخاطفة، حرب الأيام المعدودة على أصابع اليد الواحدة، وبعدها يكون النصر أو تكون الهزيمة". - تقديره لأهمية العلم فى أى معركة، وكان يعتبر أن العلم هو ميزة العدو علينا، باعتبار استعداده الإنسانى لاستيعابه، ثم باعتبار حاجته إليه لتعويض نقصه البشرى فى مواجهة فيض بشرى عربى. ومن المؤكد أن عبد المنعم رياض ظل إلى آخر يوم فى حياته طالب علم، وذلك أعظم ما يمكن أن يكونه أى إنسان مهما علا قدره وارتفع مقامه. وربما ساعد عبد المنعم رياض على حسن تقديره لأهمية العلم الحديث فى المعركة، أنه كان بحكم عمله فى المدفعية المضادة للطائرات، على اتصال مباشر بتطورات علمية واسعة الأثر، فإن المدفعية المضادة للطائرات أصبحت تعتمد على الصواريخ والتعامل بالصواريخ فى حد ذاته مقدرة على الانطلاق إلى بعيد، كذلك فإن تعدد مصادر دراساته فى بريطانيا والاتحاد السوفيتى، واستخدامه لأكثر من لغة، الإنجليزية والفرنسية والروسية كلها بطلاقة، إلى جانب العربية بالطبع، أتاح له فرصة رحبة غير مقيدة. وأذكر مرة فى موسكو وكنت أزور كلية "فوروشيلوف العسكرية"، وقد أصبح اسمها فيما بعد أكاديمية القيادة العامة العليا للقوات المسلحة السوفيتية أن قال لى أحد الدارسين المصريين فيها: - إن عبد المنعم رياض الذى درس هنا قبل سنوات جعل مهمة الذين جاءوا بعده بالغة الصعوبة. إن الجنرال يابتشنكو، وهو من كبار المعلمين السوفيت هنا، وكان له تاريخه فى الحرب العالمية الثانية - لا يمل دائماً من أن يكرر للدارسين العرب: - على هذا المقعد الرابع، "فى الدورة الأولى التى اشترك فيها دارسون عرب فى هذه الأكاديمية كان يجلس الجنرال رياض". وفوق ذلك فى هذه الفترة كانت أحاديث عبد المنعم رياض تعكس من بعيد تململه من بعض الأوضاع السائدة فى القوات المسلحة فى ذلك الوقت. وكانت مشكلته أنه لا يستطيع أن يسكت ببساطة! وكانت مشكلة الآخرين حياله أنهم لا يستطيعون الخلاص منه وإسكاته تحت أى غطاء، فلقد كان امتيازه فى عمله لا ينازع، ولم تكن له مطالب شخصية.. ولم يغير مسكنه الذى كان فيه بمصر الجديدة وهو شقة من أربع غرف فى شارع جانبى صغير، وكانت تشاركه فيها شقيقته، وهى أستاذة بكلية العلوم بجامعة عين شمس. ولم يتزوج هو لأن السنوات التى كان يستطيع فيها الزواج قد انقضت وهو فى دراسات بعيدة أو فى مواقع خدمة فى المعسكرات، ولم تتزوج هى الأخرى، لأنها أحست أن واجبها خدمته، وكانت أحاديثه دائماً عن "الدكتورة"، نابضة بحنان عميق وأصيل. وعُرض عليه منصب سفير فى تلك الأيام واعتذر، لأنه على حد تعبيره "ضابط وابن ضابط"، ثم إنه الآن لا يستطيع أن يترك "الدكتورة" التى أعطته أحلى سنوات حياتها طواعيةً وحباً. وجاء تعيينه فى القيادة العربية الموحدة، رئيساً لهيئة أركان حربها، حلاً موفقاً وسعيداً بالنسبة لكل الأطراف، بقى فى الجندية، مهنته وعمله، وابتعد عن أسباب التململ، ثم ظلت حياته مستمرة فى شقته الصغيرة تحت رعاية "الدكتورة" وفى حماها. وفى هذه الفترة توثقت الصداقة بيننا أكثر، ففضلاً عن الصلة الشخصية، تلاقى اهتمامنا فى مسائل العمل العربى ومشاكله. كانت هذه المسائل والمشاكل موضوعه الأساسى كصحفى، وأصبحت هذه المسائل والمشاكل موضوعاً هاماً بالنسبة لمسئوليته العسكرية فى القيادة العربية الموحدة. وهكذا جمعتنا مناسبات كبيرة، ليس فى القاهرة وحدها، وإنما فى الإسكندرية والدار البيضاء والخرطوم وعواصم عربية غيرها رأت مشاهد من تجارب العمل العربى المشترك. وفى تلك الفترة ما بين سنة 1964 إلى سنة 1968، كان المتتبع لتفكير عبد المنعم رياض يلحظ أشياءً كثيرة تتبلور مع كل يوم وتتحدد أكثر: بدأت معرفته بالعالم العربى، وحديثه عنه، وتصوره لإمكانياته، يكتسب دقة وحدة المعرفة المباشرة. وبدأ حسابه لقدرات الجندى العربى والضابط العربى، فى كل جيش من الجيوش العربية يعكس صدق التجربة التى تتم بالعمل اليدوى المباشر. ثم بدأ تفكيره الإستراتيجى يرسم صورة كاملة وشاملة للطريقة التى يمكن بها أن تجرى المواجهة مع العدو، ولم يكن فى تصوراته يتجاهل الحقائق، وإنما كانت الحقائق أساس تصوراته، إلى جانب عنصر المخاطرة المحسوبة التى لا غنى عنها فى تقديرات أى قائد عسكرى يريد أن يحارب بما يتوافر لديه ويجعل مهمته ممكنة، وليس القائد العسكرى الذى لا يريد أن يحارب ويطلب ما لا يمكن توفيره له، ويجعل بالتالى مهمة غيره مستحيلة. .
وفى مرات كثيرة كانت التصورات تجمح بنا ونحن فى مناقشات معه، وتكون كلمته دائماً بالحزم العسكرى:
Gentlemen, back to reality - أى أيها السادة.. عودة إلى الواقع. وفى هذه الفترة ظهرت فى تفكيره الصورة الأولى لما نسميه اليوم بالقيادة الشرقية، وكان من قلائل من يستطيعون الحديث عنها وعن إمكانياتها بثقة. |
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض السبت أكتوبر 10, 2009 1:09 pm | |
| معلومات رائعه عن بطل عرفناه من خلال طرحك الرائع اشكرك ايهاب تقبل مروري واحترامي دمت بود
|
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض السبت أكتوبر 10, 2009 9:13 pm | |
| اشكرك ميرال علي مرورك الرائع وعلي تواصلك الكريم لك مني ارق تحية ايهاب |
|
| |
الحمري
أدآرة التدخل ألسريع
عدد المشاركات : 5318 الدولة : libya مزآج : رقم العضوية : 7 دولتك : المهنة : سجل في : 29/04/2009
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض الأحد أكتوبر 11, 2009 10:12 am | |
| رائعٌ رائعٌ ما قدمت يا أخي
أحيك من كل قلبي
لك من كل الود رحمت الله عليهِ ونسئل الله ان يكتبهُ من الشهداء والصديقين
ويدخلة جنة النعيم
آمين
| |
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض الأربعاء أكتوبر 14, 2009 10:38 am | |
| - ميرال كتب:
معلومات رائعه عن بطل عرفناه من خلال طرحك الرائع اشكرك ايهاب تقبل مروري واحترامي دمت بود
اشكرك ميرال علي مشاركتك الطيبة وعلي تواصلك الاكثر من رائع لك مني ارق تحية ايهاب |
|
| |
أحمد صقرٍ ألسمآء
البآحث عنْ ألإبدآع
عدد المشاركات : 5459 الدولة : الجزائر مزآج : رقم العضوية : 1 دولتك : المهنة : سجل في : 15/01/2009
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض الأربعاء أكتوبر 14, 2009 11:35 am | |
| الف شكــــــــــــــــر ايهاب المعلومات قيمة جدا بارك الله فيك آحمد | |
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض الخميس أكتوبر 15, 2009 9:41 pm | |
| - الحمري كتب:
رائعٌ رائعٌ ما قدمت يا أخي
أحيك من كل قلبي
لك من كل الود رحمت الله عليهِ ونسئل الله ان يكتبهُ من الشهداء والصديقين
ويدخلة جنة النعيم
آمين
اللهم امين كل الشكر لك ياحمري علي روعة المرور وعلي جمالية الحضور لك خالص تحيتي ايهاب |
|
| |
???? زائر
| موضوع: رد: الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض الأحد أكتوبر 18, 2009 11:59 pm | |
| - أحمد صقرٍ ألسمآء كتب:
الف شكــــــــــــــــر
ايهاب
المعلومات قيمة جدا بارك الله فيك
آحمد
شكرا احمد لتواجدك الدائم علي صفحتي وشكر علي هذه المشاركة الكريمة لك خالص تحيتي ايهاب |
|
| |
| الجنرال الذهبى الشهيد فريق أول / عبد المنعم رياض | |
|