المبدعة ( سها جلال ) تفتح قلبها لآعضاء المنتدى:
_________
عندما تقرأ سطورها تحلق فى الكون مع الجمال والطبيعة والفكر والثقافة .. ترصد .. تتأمل .. تبدع .. إنها المبدعة السورية العربية ( سها جلال جودت ) ولذا كانت لنا هذه الحوارية معها .
____________
حوار :
ابراهيم خليل ابراهيم
________________
_ المبدعة سها جلال في البداية نود التعرف علي المولد و النشاة ومسيرك العلمي ؟
لحظة رأيت الضوء وتنعمت بنور الحياة وجدت نفسى نجاور حائط جامع سيدنا أبي الوفا في طلعة الشيخ أبي بكر رضي الله عنه، منطقة هادئة جميلة تتربع بيوتها على مرتفع يضم بيوتاً تجاور بعضها بعضاً، تجمعهم ألفة وحميمية رائعة، تلك التي نفتقدها اليوم في زحام التكاثر البشري وتقنيات الساعة، كنت الطفلة المدللة بين أولاد عم أبي وأولاد عمته الوحيدة، كذلك الأمر بالنسبة لعمي بهاء الدين وبدري المرحومين تغمدهما الله رحمته وأسكنهما فسيح جناته، فقد منحا طفولتي ما أعجز عن وصفه الآن، إضافة إلى حب عمتي ودلالها الكبير لي هي وزوجها رحمه الله، هذه العمة التي ظلت أكثر من عقد لا تنجب الأولاد وإن حملت سقط جنينها، حتى يسر الله لها بثلاثة ذكور، عشت طفولة مترفة بين أجنحة أولاد العائلة الذكور، كل يريد الطفلة السمراء الصغيرة في دكانه أو مشواره إلى الحديقة العامة، ونظراً لأن اهتمام العائلة كله قد انصب على هذه الصغيرة الوديعة فقد اهتم والدي بتعليمي وأصرّ على متابعة الدراسة باهتمام وإرشاد بالغين مع صرامة كنت أخشاها إن قصرت يوماً ما بأي واجب مدرسي.
هذه النشأة بين دلال الأقارب وإصرار والدي على متابعة دراستي خلقت في داخلي طموحاً ودفعتني للبحث عم أفيد منه فكانت الصحف والمجلات خير معين، وحين نجحت نجاحاً صفق له الجمهور بحرارة في مسرحية الخياط كما أبكى الجمهور في مسرحية الشهيد، وكنت حينها في الثالث إعدادي دفعتني للتفكير بدراسة الإخراج المسرحي في مصر، وحين علم عمي المرحوم بدري وكان قد درس الحقوق في جامعة الأزهر وافقني على رغبتي ووعدني أن يساعدني في تحقيق هدفي، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، رفض والدي سفري وأراد اختصار الطريق قائلاً: معهد دار المعلمات يضمن لك المستقبل وأنا أريد أن أضمن لك مستقبلك، لا أريدك أن تضيعي في زحام القاهرة وتبعدين عني، فكان له ما أراد وفي هذا لست حزينة، اقتنعت بمصيري وتابعت ، وبعد مضي ثلاثة عقود في سلك التربية والتعليم أجدني اليوم موفورة المعلومات عن سلوك الطفل وحاجاته ورغباته وأشياء أخرى أصبحت زوادتي في مسيرتي الإبداعية كلما احتجت أغرف من أسرارها ما أريد شرحه لمجتمع أصبح يعاني من حالات تفكك وضياع ولهذا تجدني قدمت أول عمل روائي أعتبره بمثابة رواية نُصحية للآباء والأمهات وجميع التربويين بما فيهم المؤسسات الإصلاحية.
_ من اكتشف موهبتك ومن وجهك في صقلها ؟
اكتشاف الموهبة يحدث عادة في المدارس أو داخل بيئة الطفل حين تكون الأسرة مهتمة بالمواهب الإبداعية كالرسم والنحت والعزف أو الكتابة .
هنا أتوقف قليلاً لأحكي عن موهبة نمت من تلقاء نفسها حين كانت تبحث عن كتاب أو حتى قصاصة ورق لتقرأها، وما كان من أحد ليهتم بشأن الصغيرة التي تقرأ، وقد حاولت الكتابة في خفية عن أهلي، فكتبت رواية من خيالي جمعت فيها قصصاً كثيرة، وكنت في صمتي الهادئ أقرر أن الكتاب الذي بين يدي يمكنني أن أكتب مثله، لحظات تحدٍ عشتها بيني وبين كتاب أقرأه، ثم فجأة انقطعت عن القراءة والتفكير بالكتابة، وغصت في ملاحم الحياة التي أخذتني إلى حيث وجدت نفسي امرأة وأماً تهتم بشؤون بيتها وتربية أطفالها، زواج مبكر حال دون تحقيق أي هدف من البنية الحكائية التي كنت أعيشها في داخلي، لحظة أفرح ولحظة أحزن أو أبكي.
ويوم انفجر بركان الصمت عن حالات اختزنتها الذاكرة المتحركة بين هنا وهناك وعدت لأبحث في ظلام ليل عن ورقة تسعفني لتخفف من ألمي ودمعي نجحت.
وفي مساء ما، بين جمهور من الكتاب المعروفين في معشوقتي الشهبائية حلب قرأت قصة واحدة، فكان أن بدأت الموهبة مختمرة وكان قرار البداية من هذه اللحظة.
_ من وجهة نظرك ما هو الدور المتمثل في الأسرة و الدرسة و الإنسان و المجتمع تجاه المواهب ؟
سؤال يحمل أكثر من قيمة للرد عليه، ففيه القيمة الاجتماعية والقيمة التربوية والقيمة الإنسانية، وحين تجتمع القيم الثلاث بكل مفاصلها الإيجابية نحقق توافقاً وتوازناً في بناء الموهبة البناء الصحيح وندفعها نحو تعزيز قدراتها بما يفيد منه المجتمع والفرد الموهوب، أما إذا كان هناك خلل في واحدة من هذه القيم الهامة فإن الموهبة ستكون ناقصة للقوة الدافعة، وبهذا لن يتحقق ما نصبو إليه. سأضرب مثالاً : كثيرون من الموهوبين ضاعت مواهبهم ولم يتمكنوا من تحقيق ذواتهم في فن ما، إما بسبب عدم اهتمام الأسرة ومحاربتها لشكل الموهبة التي لاتتناسب مع أفكارهم وميولهم وعاداتهم وتقاليدهم أو بسبب عدم توجيه المدرسة وتقديم ما يلزم لنمو هذه الموهبة من تشجيع ورعاية.
فمهمة المجتمع تجاه مواهبه مهمة جديرة بالدراسة والاهتمام والوصاية والعناية لنخرج بجيل مبدع يخدم قضايانا الفكرية والمصيرية. وفي سورية جهات مختصة برعاية الموهوبين كمنظمة طلائع البعث وشبيبة البعث فهما تقدمان كل المساعدات الممكنة لتطوير أدوات الموهوبين من أبناء البلد.