قال مؤرخوا الإسلام: مات الحسنُ ابن الحسنِ من أولادِ علي ابنَ أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه. كان عنده زوجةٌ و أطفال. كان في الشباب، والموتُ لا يستأذنُ شاباً ولا غنياً ولا فقيراً ولا أميراً ولا ملكاً ولا وزيراً ولا سلطانا، الموتُ يقصمُ الظهور ويخرجُ الناسَ الدور وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور بلا استئذان. الحسن ابنُ الحسن مات فجأة، نقلوه إلى المقبرةِ. فوجدت علية امرأتُه وحزِنت حزناً لا يعلمه إلا الله. أخذت أطفالها وضربت خيمةًَ حول القبر. ( وهذا ليس من عمل الإسلام ولولا أن مؤرخو الإسلام ذكروه ما ذكرته). ضربت خيمةً حول القبر وأقسمت بالله لتبكينا هي و أطفالها على زوجِها سنةً كاملة. هلعٌ عظيم وحزنٌ بائس. وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت إطناب الخيمةِ وحملتها و أخذت أطفالها في الليل. فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل: هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟ فردَ عليه هاتفٌ أخر قال : لا، بل يئِسوا فانقلبوا. ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضعيتهم، ولا وديعتهم: كنزُ بحلاون عند الله نطلبُه…..خير الودائعِ من خير المؤدينا (قال لا، بل يئِسوا فانقلبوا). ما كلمَهم من القبر، ما خرج إليهم ولو في ليلةٍ واحدة، ما قبل أطفاله، ما راى فتاته، لا. ولذلك هذه هي أولُ ليلةٍ ولكن لها لياليٍ أخرى إذا احسن العمل. قال الله، جل الله
والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإحسان، ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء، كل أمرء بما كسب رهين). أتى أبو العتاهية يقول لسلطانٍ من السلاطينِ غرتُه قصوره، وما تذكرَ أولَ ليلةٍ ينزل فيها القبر. ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر، متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟ هذا السلطان بناء قصوراً في بغداد، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له: عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقةِ القصور عش ما بدا لك سالماً عش ألف سنه، عش مليون سنه سالماً معافاً مشافا. يجري عليكَ بما أردتَ مع الغدوِ مع البكور ما تريدُ من طعام، ما تريدُ من شراب هو عندك أسمع ماذا يقول: فإذا النفوسُ تغرغرت بزفيرِ حشرجةِ الصدور…….. فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور فبكى السلطان حتى أغمي عليه: فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور. أولُ ليلةٍ في القبر. وأنا أطالبُ نفسي و إياكم آيامعاشر المسلمين أن نهياء لنا نوراً في القبر أولُ ليلة. و ولله لا ينورُ لنا القبر إلا العملُ الصالحِ بعد الإيمان. لنقدمَ لنا ما يؤنسُنا في القبر يوم ننقطعُ عن الأهل المال الولد والأصحاب. خرج عليه الصلاة والسلام إلى تبوك: وفي ليلةٍ من الليالي نامَ هوَ الصحابة، وكانوا في غزوةٍ في سبيل الله. قال ابنُ مسعود رضي الله عنه و أرضاه: قمتُ أخرَ الليل فنظرتُ إلى فراش الرسولِ (ص) فلم أجده في فراشه. فوضعتُ كفي على فراشهِ فإذا هوَ بارد. وذهبتُ إلى فراشِ أبي بكر فلم أجده على فراشه. فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته، قال وإذا بنورٍ في أخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبتُ إلى ذلك النور ونظرتُ. فإذا قبرٌ محفور، والرسولُ عليه الصلاة والسلام قد نزلَ في القبر. وإذا جنازةٌ معروضةٌ، وإذا ميتُ قد سجي في الأكفان. وأبو بكرٍ وعمر حول الجنازة، والرسولُ(ص) يقول لأبي بكر وعمرَ دليا لي صاحَبكما. فلما أنزلاهُ، نزلهُ (ص) في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم التفتَ إلى القبلةِ ورفع يديه وقال: ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)، ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)، قلت من هذا ؟ قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أولِ الليل. قال ابنُ مسعود فوددت واللهِ أني أنا الميت : ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه). وإذا رضي اللهُ عن العبدِ أسعده. وإنما هي مسألةٌ لمن نسيَ اللهَ و أوامرَ الله وانتهكَ حدودَ الله. نقولُ له هل تذكرتَ يا أخي أولُ ليلةٍ في القبر ؟ كان عمر بن عبد العزيز أميراَ من أمراء الدولةِ الأموية، يغيرُ الثوبَ من حرير في اليومِ اكثرَ من مرة، الذهبُ والفضةُ عنده. الخدم القصور، المطاعم المشارب كلَ ما اشتهى وكل ما طلبَ وكلَ ما تمنى. ولما تولى الخلافة، مُلك الأمة الإسلامية انسلخَ من ذلك كلِه لأنه تذكرَ أولَ ليلةِ في القبر. وقف على المنبرِ يوم الجمعةِ فبكى وقد بايعتهُ الأمة. وحولَه الأمراء الوزراء والشعراء والعلماء وقوادَ الجيش، فقال: خذوا بيعتَكم. قالوا ما نريدُ إلا أنت. فتولاها فما مرَ عليه أسبوعٌ أو أقل إلا وقد هزُل، وضعف وتغير لونه ما عنده إلا ثوبٌ واحد. قالوا لزوجتهِ مالِ عمرَ تغير ؟ قالت واللهِ ما ينامُ الليل، والله إنه يأوي إلى فراشه فيتقلبُ كأنه ينامُ على الجمر ويقول: آه توليت أمر أمةِ محمد، يسألني يوم القيامةِ الفقير والمسكين والطفلُ والأرملة. يقولُ له أحد العلماء يا أمير المؤمنين: رأيناك قبل أن تتولى الملك وأنت في مكة في نعمةٍ وفي صحة وفي عافيه، فمالك تغيرت؟ فبكى رضي الله عنه حتى كادت أضلاعَه تختلف، ثم قال للعالم وهو أبن زياد: كيف بك يا ابن زياد لو رأيتني في القبرِ بعد ثلاثةِ أيام. يومَ اجرد عن الثياب، و أوسد التراب، وأفارقُ الأحباب وأترك الأصحاب. كيف لو لرأيتني بعد ثلاث والله لرأيت منظراً يسوءك. فنسأل اللهَ حسن العمل. والله والله لو عاش الفتى في عمرهِ …. أسمع والله لو عاش الفتى في عمرهِ …….ألفاً من الأعوامِ مالكَ أمره متنعماً فيها بكلِ لذيذةٍ ………….متلذذاً فيها بسكناَ قصره لا يعتريه الهمُ طول حياته ………. كلا ولا تردٌ الهمومُ بصدره ما كان ذلك كلُه في أن يفي……. فيها بأولِ ليلةٍ في قبره واللهِ لو عاش ألف سنه، وما طرقَه همٌ ولا غم ولا حزن. واللهِ لا يفي بأولِ ليلةٍ في القبر. و واللهِ لننزلنَها جميعاً، أولُ ليله. فيا عباد الله، أسألُ الله لي ولكم الثبات، ما ذا أعددنا لضيافةِ تلك الليلة ؟ يقول رسولُنا (ص) : ( القبرُ روضةٌ من رياض الجنةِ أو حفرةٌ من حُفرُ النا). كان عثمانُ بنُ عفانُ الخليفةَ رضي الله عنه إذا شيعَ جنازةٍ بكى حتى يغمى عليه فيحملونَه إلى بيتهِ كالجنازة إلى بيته. قالوا مالك ؟ قال سمعتُ الرسولَ (ص): ( يقول القبرُ أولُ منازلِ الآخرة فإذا نجا العبدُ فيه أفلح وسعُد، وإذا خسرَ والعياذُ بالله خسرَ أخرتَه كلها). والقبرُ روضةٌ من الجنانِ ………..أو حفرةٌ من حُفر النيرانِ