الوفاء فضيلة عظيمة تنبئ عن طهارة النفس وسموّها ، ومن خلال رصدى لإبداعات شاعرنا الكبير رفعت عبد الوهاب المرصفى وجدت اهتمامه بالوفاء الذى يحمله ويؤكده قولا وفعلاً ، والبداية تبدأ من " مرصفا " المبتدا والمنتهى - مركز بنها – بمحافظة القليوبية .. حيث ولد شاعرنا بها وتعلم فى كتابها ومدارسها ، وفى هذا الصدد يقول شاعرنا :
كُتاب صحيح
لكنه فاق المدرسةْ
قدّم كتير
أجيال عظيمة
اتعلمتْ واتأدبتْ / واتأزهرت
بين العلوم والهندسةْ
والعِمة تاج فوق رؤوس الطيبين
صبح ومسا
ولم ينس شاعرنا .. الحاج أنور الذى كان أقرب الجيران لمنزل شاعرنا بمرصفا وأطيبهم ، ولم ينس أيضاً مسجد سيدى عبد العزيز أحد المساجد القديمة بمرصفا والمجاور لمنزل شاعرنا من الجهة الخلفية ولذلك نجده يقول فى لمحة وفاء خالدة :
والحاج أنور
أطيب ما فى كل الجيران
أحلف بأنغام الأدان
اللى كان
جوّه دارنا
أصل دارنا
كان فاصلها عن جامعنا
خطوتين أو تلاته بالتمام
وهو جامع سيّدى عبد العزيز
لسّاه عزيز
لسّاه قريب
من قلوب الموجودين
لسّانى شايف صورة أبويا
ويا سيدى بين جموع الساجدين
لسانى باحرص على الصلاة
فى نفس المكان
لما بتحضنى البلد
من حين لحين
ومن الشخصيات التى ما زالت بذاكرة شاعرنا .. العم حجاجى والخال يوسف والخال النـادى .... وعن عــم حجــاجى وفـاءً لــه يقول :
عم حجاجى
دفتر المواليد حِداه
دفتر الوفيات حِداه
دفتر التواريخ حِداه
كان لوحده سجل مدنى
بكل معنى فى الحياه
ويقول شاعرنا عن خاله يوسف :
خالى يوسف
كان يصلى الفجر حاضر
كل يوم
الدنيا ضلمة
الدنيا عوصة
الدنيا بردْ
لو بتنطر حتى تلجْ
خالى يوسف
كان يصلى الفجر حاضر
كل يوم
كنت ديما
بابقى نايم
بس ودنى اتعودت
تسمع أدان الفجر
من صوت خطوته فوق السلالم
وامتدادا لوفاء شاعرنا رفعت عبد الوهاب المرصفى كان وفاؤه الأعظم لأهل قريته فقد أسس صالونه الثقافى بمنزله بمرصفا ، وذلك منذ شهر يناير لعام 2003 تعقد فيه الندوات الثقافية ويستضيف كبار الشعراء والأدباء والمثقفين والموهوبين وعشاق الكلمة فى الخميس الأول من كل شهر .. هذا بالإضافة إلى اهتمام الصالون الثقافى بإصدار الدواوين الشعرية والكتب الأدبية لرواده ، وهذا أمر يجب أن نشيد به فى زمن يعانى منه المبدع من تكاليف الطباعة وصعوباتها ونكاد نسمع خفقات قلب شاعرنا عشقاً ووفاءً دائما متوهجاً لمرصفا .. فى قوله :
آه يا مرصفا
آه يا موطنى المبتدا .... والمنتهى
ما زلت أغنيكِ شوقا
على خفقات المدى
والمدى .. موال البداية
منتثرُُ
فوق أوتار أشجارك المُلتقى
نغماتٍ نشاوى
ما زلت أسقيه لحن الإياب المراوغ
أسكبهُ فى الوريد حجابا
أتلوه ورِداً فى صدر السنوات العجاف
آه يا موطنى المبتدا موطنى المُنتهى
وينطلق شاعرنا من وفائه لوطنه الأصغر مرصفا إلى وفائه لوطنه الأكبر مصر فيقول :
بحبك يا مصر – بحبك بجدْ
بحبك وخوفى عليكى أشدْ
ومهما بشرّق ومهما بغرّبْ
بشد الخطاوى إليكى وامِدْ
يا ساكنة فى ملامحى
ولونى اللى قمحى.....
ويقول فى قصيدة بعنوان "جذور مصرية " :
شـــرّقت أو غرّبـــت إنــى من هنــا
مصـرُ الهوية والبقية والســـــنا
النيل يجرى فى عروقــــــى سلسـلا
ويفيض حبا فى شرايين الدُنــا
وإذا انتقلنا إلى ملمح آخر نجد شاعرنا مثال للابن البار بوالديه فها هو يهدى قصيدة بعنوان " مقاطع من كتاب الجذور" إلى روح والده الذى انتقل إلى جوار ربه فى ديسمبر عام 1991م ونذكر منها:
الجذر لا يميته التراب
ولا يعوق طرحه الكفن
لكنه يموج فى عطائه
فيستجدْ
يا أيها الجِذر الوتدْ
أنا بدايتكْ
ولست مُنتهاكْ